داود والناصر للحق وجم غفير من الزيدية بالجمع بين الغسل والمسح ، قالوا : قدورد الكتاب بالمسح ، والسنة بالغسل ، فوجب العمل بهما معا ، وذهب الحسن البصري وأبوعلى الجبائي ومحمد بن جرير الطبري إلى التخيير بينهما.
فاذا عرفت هذا فاعلم أن الماسحين حملوا قراءة النصب على العطف على محل الرؤوس كما تقول : مررت بزيد وعمرا بالعطف على زيد ، لانه معفول به (١) والعطف على المحل شايع في الكلام العرب ، مقبول عند النحاة ، وأما قراءة الجر فلا حاجة لهم إلى توجيهها إذا ظهورها في المسح غني عن البيان.
والغاسلون حملوا قراءة النصب على عطف الارجل على الوجوه أوعلى إضمار عامل آخر تقديره «واغسلوا أرجلكم» كما أضمروا العامل في قول الشاعر : «علفتها تبنا وماء باردا» قوله : «متقلدا سيفا ورمحا».
واضطربوا في توجيه قراءة الجر فقال بعضهم : إن الارجل فيها معطوفة على الايدي ، وإنما جرت لمجاورة المجرور أعني الرؤوس نحو قولهم : « جحر ضب خرب.
____________________
(١) وليس بصحيح ، فان مررت لازم لا يتعدى إلى زيد ولا إلى عمرو الا بالباء الذى هو للتعدية والالصاق ، ولا يصح نصب «عمرا» الا بالعطف على المحل ، وأما المسح فهو متعد بنفسه من دون آلة ، ويصح أن يقال «امسحوا أرجلكم» فلو كان النصب صحيحا لزم اضمار عامل آخر ، والاللزم عطف المنصوب على المجرور ، ولوكان العامل مقدرا لم ينهض قرينة على أنه هو «اغسلو» أوهو «امسحوا» فان اضمار العامل يستلزم كون الكلام مقطوعا عما قبله كمافي قراءة الرفع ، فاحتمال الغسل والمسح يكون على سواء وهو التعمية عند البيان.
ولو قيل بأن المقدر هو «امسحوا» للزم استيعاب الرجلين إلى الكعبين بالمسح ، و لا يقول به الشيعة ، ولو قيل بأنه هو «اغسلوا» للزم التناقض بين القراءتين وورد عليهم ما أورده ، المؤلف العلامة في المتن فلابد من الغاء قراءة النصب كما مر ، لانها خارج عن الاسلوب الحكيم.