فيظر منه سوء أدب منه بالنسبة إلى الامام عليهالسلام وهو ينافي علو شأنه ، ولعله كان أمثال هذا في بدو استبصاره ، لانه كان أولا من فضلاء العامة ، ويمكن أن يقال : المعنى أخبرني عن مستند علمك وقولك من الكتاب والسنة الذي تستدل به على المخالفين المنكرين لامامتك ، حتى أحتج أنا أيضاعليهم به عند المناظرة (١).
وقرأ بعض مشايخنا قدس الله أرواحهم الفعلين بصيغة التكلم فمعناه أخبرني بمستند علمي ودليل قولي ، فاني جازم بالمدعي ، غير عالم بدليله من غير جهة قولك لاحتج به على العامة.
وضحكه عليهالسلام إما من تقرير زرارة المطلب الذي لا خدشة فيه ، بمايوهم سوء الادب لقلة علمه بآداب الكلام ، أو للتعجب منه أومن المخالفين بأنهم إلى الان لم يفهموا كلام الله مع ظهوره في التبعيض ، أو من تعصبهم وإنكارهم عنادا مع علمهم بدلالة الاية ، أو من تبهيمه فيما بعد بقوله : يا زرارة الخ.
____________________
(١) لما كانت المسألة خلافية فتوى وقراءة ، وتشاجر فيها الفريقان ـ حتى اليوم لكونها مبتلى بها في اليوم والليلة مرات عديدة ، ورأى أن الامام عليهالسلام يحكم ويفتى بوجوب مسح الرأس والرجلين ، ويقول ببطلان الوضوء اذا غسل الرجلين.
مع ما اشتهر عنهم عليهمالسلام «أن كل شئ نقوله فهو في كتاب الله عزوجل» ، «ما من أمر يختلف فيه اثنان الا وله اصل في كتاب الله لكن لا تبلغه عقول الرجال» ، «والله ما نقول بأهوائنا ولا نقول برأينا ولا نقول الا ماقال ربنا ، اصول عندنا نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضتهم» وغير ذلك.
استفهم متضرعا مستدعيا أن يعرف وجه هذا الفتوى من القرآن العزيز ، ولم يتحتم عليه أن يجيبه ، فقال : «ألا تخبرنى من أين علمت وقلت ان المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين» فهذا سؤال على محله ولذلك تبسم الامام عليه الصلاة والسلام ، ولولم يسئله هو ـ و هوفقيه الاصحاب ـ فمن الذى يسأله من ذلك ، كما لم يسأله أحد غيره ، ولو لم يسأل عن ذلك ، لما وصل الينا الوجه في ذلك ، ولما عرفنا أن الباء للاستعلاء ، والمسح يكون على مقدمه وعلى ظهر الرجلين كما عرفت وجه البحث في ذلك.