لان معنى اجتنابها كونه في جانب غير جانبها ، فيستلزم المنع من أكله و ملاقاته ، وتطهير المحل بازالته ، ولا معنى للنجس إلا ذلك ، ذكرهما المحقق والعلامة.
ورد الاول بأن الرجس لا نسلم أنه مرادف للنجس ، وقول الشيخ في التهذيب : الرجس هو النجس بلا خلاف لا حجة فيه ، لان أهل اللغة لم يذكروا النجس في معناه ، بل ذكروا له معاني اخرى لا تقرب منه أيضا ، سوى ما ذكروا من القذر ، والظاهر أنه ليس النجس المصطلح بل هو ما يستقذره الطبع ، مع أن في الاية الكريمة وقع خبرا عن الخمر والميسر والانصاب والازلام جميعا في الظاهر.
فلا يخلو إما أن يقدر مضاف محذوف ليصح حمله على الجميع ، مثل التعاطي ونحوه وعلى هذا ظاهر أنه لا يصح جعله بمعنى النجس ، بل لابد من حمله على معنى آخر مثل المأثم ، لانه من بعض معانيه ، أو العمل المستقذر أو القذر الذي يعاف منه العقول ، كما يوجد في كلام جماعة من المفسرين ، أو يقال : إن المراد أن كل واحد رجس ، وحينئذ لا يصح الحمل على النجس ، وإلا يلزم استعمال اللفظ في معنييه الحقيقيين ، بل الحقيقي والمجازي ، أو يجعل الرجس المذكور خبرا عن الخمر فقط ، ويقدر لكل من الامور الاخر خبر آخر ، وعلى هذا أيضا لا يصح حمل الرجس على النجس ، لان القرينة على التقدير دلالة المذكور عليه ، ولو حمل الرجس على النجس يلزم أن يكون المقدر كذلك ولو فرض جواز الاكتفاء في الدلالة بمجرد الاشتراك في اللفظ ، وإن لم يكن المعنى في الجميع واحدا ، فلا ريب أنه المرجوح بالنسبة إلى الاحتمالات السابقة ، ولا أقل من الستاوي ، وعلى هذا كيف يستقيم الاستدلال.
____________________
انه مشترك لفظى ، بل بما تفرع عليه من وجوب الاجتناب وقوله تعالى «فاجتنبوه» بالنسبة إلى الخمر ، له اطلاق من حيث الشرب وغيره من أنواع الاقتراب كالبيع والشراء والاتخاذ والاصابة فافهم ذلك.