مررت اليوم بالكرخ ، فقالوا : هذا نديم محمد بن علي عليهما السلام امام الرافضة ، فاسألوه : من خير الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله ؟ فان قال : عليّ ، فاقتلوه ، وان قال : أبو بكر ، فدعوه ، فانثال عليّ منهم خلق عظيم ، وقالوا لي : من خير الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله ؟
فقلت : مجيباً لهم : خير الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله أبو بكر وعمر وعثمان ، وسكتّ ولم اذكر عليّاً عليه السلام ، فقال بعضهم : قد زاد علينا ، نحن نقول : هاهنا : وعليّ ، فقلت لهم : في هذا نظر لا أقول هذا ، فقالوا بينهم : ان هذا اشد تعصباً للسنة منا ، وقد غلطنا عليه ، ونجوت بهذا منهم ، فهل عليّ يابن رسول الله في هذا حرج ؟ وانما أردت اخيّر ، أي اهو خير ؟ استفهاماً لا اخباراً ، فقال محمد بن علي عليهما السلام : قد شكر الله لك بجوابك هذا لهم ، وكتب الله اجره واثبته لك في الكتاب الحكيم ، واوجب لك بكل حرف من حروف ألفاظك بجوابك هذا لهم ، ما تعجز عنه اماني المتمنين ، ولا تبلغه آمال الآملين .
فقال : وجاء رجل الى عليّ بن محمد عليهما السلام ، فقال : يابن رسول الله ، بليت اليوم بقوم من عوام البلد ، فاخذوني وقالوا : انت لا تقول بإمامة أبي بكر بن أبي قحافة ، فخفتهم ـ يابن رسول الله ـ وأردت أن أقول : بلى ، أقولها للتقية ، فقال لي بعضهم ووضع يده على فمي ، وقال : انت لا تتكلم الا بمخوفة(١) أجب عما القنك ، قلت : قل : فقال لي : أتقول ان أبا بكر بن أبي قحافة هو الامام بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله ، إمام حق عدل ، ولم يكن لعلي عليه السلام حق البتة ؟ قلت : نعم ، وأنا اريد نعماً من الانعام ، الابل والبقر والغنم ، فقال : لا اقنع بهذا حتى تحلف ، قل : والله الذي لا إله الا هو ، الطالب الغالب ، العدل المدرك ، (٢) العالم من السر ما يعلم من العلانية .
____________________________
(١) في المصدر : بمحرفة .
(٢) في المصدر زيادة : المهلك .