واستعراض هذه الروايات يحتاج إلىٰ الكثير من الوقت ، فنتركها إلىٰ فطنة القارئ وإرادته في البحث عن الحقيقة بعقل متفتح .
إن المتناقضات التي يلمسها الباحث في فضائل الصحابة ـ وبخاصة الخلفاء الثلاثة الأوائل ـ كافية لأن تكشف عن زيفها ، ومن الأمثلة علىٰ ذلك أنهم يروون أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد قال : « لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبابكر خليلاً... » ، وتجدهم في المقابل يروون قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم « إن لكل نبي خليلاً من أُمته وإن خليلي عثمان بن عفان » !! (١) .
إن هذه الروايات المكذوبة ما هي إلا إفرازات الواقع الذي أراد معاوية تثبيته في أذهان الناس ، فانه أطلق العنان أولاً للرواية في فضائل عثمان فتسابق الوضاعون في إختلاقها ، حتىٰ إذا وجد أنها قد طغت كالسيل أمر بالرواية في فضائل الخليفتين السابقين له ، ولكن الوضاعين ـ رغم جهودهم غير المشكورة ـ لم يستطيعوا أن يخرجوا من المأزق الذي وضعوا فيه رغم إغراقهم في رواية الفضائل المكذوبة لبعض الصحابة .
وعلىٰ أي حال فنحن لا نريد الاطالة في هذا الموضوع ، إلّا أننا
_______________
(١) تاريخ مدينة دمشق ٣٩ / ١٢٠ .