٣ ـ قوله تعالىٰ (قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ) (١) .
قال الشيخ المفيد قدسسره : قال سبحانه مخبراً عمن يحشر من الظالمين أنه يقول يوم الحشر الأكبر : ( رَبَّنَا أَمَتَّنَا ... ) الآية ، وللعامة في هذه الآية تأويل مردود ، وهو أن قالوا : إن المعني بقوله : ( رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ ... ) أنه خلقهم أمواتاً بعد الحياة ، وهذا باطل لا يجري علىٰ لسان العرب ، لأن الفعل لا يدخل إلّا علىٰ ما كان بغير الصفة التي انطوىٰ اللفظ علىٰ معناها ، ومن خلقه الله مواتاً لا يقال إنه أماته ، وإنما يدخل ذلك فيمن طرأ عليه الموت بعد الحياة ، كذلك لا يقال أحيا الله ميتاً إلّا أن يكون قبل إحيائه ميتاً ، وهذا بيّن لمن تأمله .
وقد زعم بعضهم أن المراد بقوله : ( رَبَّنَا ... ) الموتة التي تكون بعد حياتهم في القبور للمساءلة ، فتكون الأولىٰ قبل الاقبار والثانية بعده .
وهذا أيضاً باطل من وجه آخر ، وهو أن الحياة للمسألة ليست للتكليف فيندم الانسان علىٰ ما فاته في حياته ، وندم القوم علىٰ ما فاتهم في حياتهم المرّتين يدل علىٰ أنه لم يرد حياة المساءلة ، لكنه
_______________
(١) سورة غافر : ١١ .