النصب علىٰ غسل الرجلين ، وقرر ذلك أبو بكر بن العربي تقريراً حسناً فقال ما ملخصه : بين القراءتين تعارض ظاهر ، والحكم فيما ظاهره التعارض أنه إن أمكن العمل بها وجب ، وإلّا عُمل بالقدر الممكن ، ولا يتأتىٰ الجمع بين الغسل والمسح في عضو واحد ، في حالة واحدة لأنه يؤدي إلىٰ تكرار المسح ، لأن الغسل يتضمن المسح والأمر المطلق لا يقتضي التكرار ، فبقي أن يعمل بها في حالين توفيقاً بين القراءتين وعملاً بالقدر الممكن ، وقيل إنما عطفت علىٰ الرؤوس الممسوحة لأنها مظنة لكثرة صب الماء عليها ، فلمنع الاسراف عطفت ، وليس المراد أنها تمسح حقيقةً ، ويدل علىٰ ذلك المراد قوله : ( إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) ، لأن المسح رخصة فلا يقيد بالغاية ، ولأن المسح يطلق علىٰ الغسل الخفيف ... (١) .
نلاحظ أن ابن حجر يعترف بأن القول بالمسح هو مذهب عدد كبير من الصحابة والتابعين ، لكن إدعاؤه أن المشهور عن ابن عباس خلاف المسح فهو خلاف للواقع ، لأن المشهور عن ابن عباس هو القول بالمسح ، كما أننا نلاحظ أن ابن حجر يتهرب من الاستدلال بالآية إلىٰ الركون إلىٰ الروايات التي تؤيد وجهة نظره ، مع أن القرآن
_______________
(١) فتح الباري ١ / ٢١٥ .