أفعال العباد كلها (١) .
فمعاوية كان بحاجة إلىٰ ما يبرر أعماله الشنيعة وقتله الصحابة والتابعين ـ كحجر بن عدي وغيره ـ فاخترع هذه النظرية ، وقد انساق جمهور أهل السنة ـ تبعاً للنظرية القائلة بضرورة الخضوع للحاكم وإن كان فاجراً وحرمة الخروج عليه ـ وراء هذه الخدعة ، ولم يعدم معاوية وأعوانه من يتصدىٰ لوضع بعض الأحاديث المكذوبة المنسوبة إلىٰ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لتكريس هذا الاتجاه ، وانبرى البعض لتأويل بعض الايات المتشابهات من القرآن الكريم دعماً لهذا الاتجاه الجديد .
أمام هذه الموجة كان لابد وأن يظهر إتجاه معاكس كرد فعل لهذه النظرية ، تزعّمها بعض التابعين ـ الذين سموا معتزلة فيما بعد ـ فظهرت نظرية التفويض .
روىٰ ابن قتيبة أن عطاء بن يسار كان قاضياً للأمويين ، ويرىٰ رأي معبد الجهني ، فدخل علىٰ الحسن البصري وقال له : يا أبا سعيد ، إن هؤلاء الملوك يسفكون دماء المسلمين ويأخذون أموالهم ويقولون : إنما تجري أعمالنا علىٰ قضاء الله وقدره ؛ فقال له الحسن
_______________
(١) الأوائل ٢ / ١٢٥ .