جديداً بأنّ ابنتَهُ حفصة تعلمُ هي الأُخرى هذه الحقيقة المؤلمة ، إذ يقول لها : « والله لقد علمت بأنّ رسول الله لا يُحبُّكِ ».
ثمّ لا يبقي لنا أدنى شكّ في أنّ الزواج منها كان لمصلحة سياسيّة عندمَا قالَ : « ولولا أنَا لطلّقَكِ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ».
فهذه الرّواية تعطينا أيضاً فكرة على زواج النبىّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بعائشة بنت أبي بكر ، وأنّه صبر وتحمّل كلّ أذاها من أجل أبي بكر أيضاً ، وإلاّ فإنّ حفصة أولى بحبّ الرسول وتقديره; لأنّه لم يصدر منها ما يُسيء للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عشر معشار ما فعلته عائشة بنت أبي بكر.
وإذا بحثنا في الواقع العملي بقطع النّظر عن الروايات الموضوعة الّتي نمّقها بنو أُميّة في فضائل عائشة ، لوجدنا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان كثيراً ما يتأذّى منها ، وكثيراً ما يغضب عليهَا ، وها نحن ننقُل رواية واحدة أخرجها البخاري وكثير من المحدّثين من أهل السنّة ، تعرب عن مدى النفور الذي كانت تشعُرُ به أُمّ المؤمنين عائشة من قبلِ زوجها رسولُ الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
أخرج البخاري في صحيحه في الجزء السابع في باب قول المريض : إنّي وجعٌ ، أَوْ وا رأسَاهُ ، قال : سمعتُ القاسم بن محمّد قال : قالت عائشة : وا رأسَاهُ! فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ذاك لو كان وأنا حىٌّ فأستغفر لكِ وأدعو لَكِ » ، فقالت عائشة : وا ثكليَاهُ ، واللّهِ إنّي لأظنّكَ تحِبُّ موتي ، ولو كانَ ذاكَ لظَلِلْتَ آخر يومك مُعرِّساً ببعض أزواجِكَ (١).
فهل تدلّك هذه الرّواية على حبّ النبىّ لعائشة؟
____________
(١) صحيح البخاري ٧ : ٨ من كتاب المرضى والطبّ ، مسند أحمد ٦ : ٢٢٨.