فقد أخرج البخاري في صحيحه من جزئه الرابع في باب ما يكره من التّنازع والاختلاف في الحرب من كتاب الجهاد والسير :
عن البراء بن عازب قال : جعل النبىّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على الرجّالة يوم أُحد ـ وكانوا خمسين رجُلا ـ عبد الله بن جُبير ، فقال : إنّ رأيتمونا تخطّفُنا الطيرُ فلا تبرحوا مكانكم هذا حتّى أرسلُ إليكم ، فهزموهم.
قال : فأنا والله رأيتُ النساء يشتدِدْنَ قد بدتْ خلاَخلُهنَّ وأسواقُهُنَّ رافعات ثيابهنَّ ، فقالَ أصحاب عبد الله بن جبير : الغنيمةَ أي قوم الغنيمةَ ، ظهر أصحابكم فما تنتظرون؟
فقال عبدُ الله بن جُبير : أنسيتم ما قال لكم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ قالوا : والله لنأتينّ النّاس فلنُصِيبنَّ من الغنيمةِ ، فلمّا أتوهم صرفت وُجوههم فأقبلُوا منهزمين ، فذاك إذ يدعوهم الرسولُ في آخراهم ، فلم يبق مع النبىّ صلىاللهعليهوآلهوسلم غيرُ اثني عَشَرَ رجُلا ، فأصابوا منّا سبعينَ ... ( صحيح البخاري ٤ : ٢٦ ).
وإذا عرفنا ممّا ذكره المؤرّخون لهذه الغزوة بأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خرج بألف صحابي كلّهم يتشوّقون للجهاد في سبيل الله ، مغترّين بالنّصر الذي حصل في غزوة بدر ، ولكنّهم عَصُوا أمر النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتسبّبوا في هزيمة نكراء شنيعة قُتِل فيها سبعون وعلى رأسهم حمزة عمّ النبىّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وفرّ الباقون ، ولم يبق مع النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في ساحة المعركة غير اثنيْ عشر رجُلا على ما يقوله البخاري ، أمّا غيره من المؤرخين فينزلُ بهذا العدد إلى أربعة فقط ، وهم : علي بن أبي طالب الذي تصدّى للمشركين يحمي بذلك وجه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأبو دجانة يحمي ظهره ، وطلحة ، والزبير ، وقيل سهل بن حنيف.