بأنّهم رفعوا أصواتهم حتى أن النّساء اللاتي كنّ وراء الستر والحجاب شاركن في النّزاع ، وقلنَ : قرّبوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يكتب لكم ذلك الكتاب ، فقال لهنّ عمر : إنكنّ صويحبات يوسف ، إذا مرض عصرتنّ أعينكنّ ، وإذا صحّ ركبتنّ عنقه ، فقال له رسول الله : « دعوهن فإنّهن خير منكم » (١).
والذي نفهمه من كلّ هذا بأنّهم لم يمتثلوا أمر الله في قوله : ( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللّهِ وَرَسُولِهِ ) ( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ) (٢) ولم يحترموا مقام الرسول ، ولا تأدّبوا عندما طعنوه بكلمة الهجر.
وقد سبق لأبي بكر أن تلفّظ بكلام بذيئ بحضرة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وذلك عندما قال لعروة بن مسعود أمصَصْ ببظر اللاّت (٣). وقال القسطلاني شارح البخاري معلّقاً على هذه العبارة : والأمر بمصّ البظر من الشتائم الغليظة عند العرب (٤) ، فإذا كانت أمثال هذه الكلمات تُقال بحضرته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فما هو معنى قوله تعالى : ( وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْض ) (٥)؟!
وإذا كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على خلق عظيم كما وصفه ربُّه ، وإذا كان أشدَّ
____________
(١) الطبقات الكبرى ٢ : ٢٤٤ وسند الحديث حسن ، المعجم الأوسط ٥ : ٢٨٨ ، كنز العمال ٥ : ٦٤٤ ح ١٤١٣٣.
(٢) الحجرات : ١ ـ ٢.
(٣) صحيح البخاري ٣ : ١٦٩.
(٤) إرشاد الساري ٦ : ٢٢٦ ، وفتح الباري ٥ : ٢٤٨ ، والشوكاني في نيل الأوطار ٨ : ١٩٧ واستدلّوا به على جواز النطق بما يستبشع من الألفاظ!! ( والمؤلّف نقله بالمضمون ).
(٥) الحجرات : ٢.