اتّق الله يا عمّار! قال : إن شِئْتَ لمْ أُحدِّثْ به (١).
____________
(١) وزاد في بعض الروايات إضافة قول عمر : « بل نوليك ما توليت » فكأنّ عمر جعل عماراً مصداقاً لقوله تعالى : ( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً ).
وقد حاول عثمان الخميس في كتابه كشف الجاني : ص١٣٦ إظهار المؤلّف بلباس المدلّس ، كما هي عادته دائماً مع أنّه يجهل فن الحديث والرواية; لأنّ الرواية قد انتهت إلى ما نقله المؤلّف ، ثمّ قال مسلم : قال الحكم وحدثنيه ابن عبد الرحمن .. فقال عمر : نوليك ما توليت. وهذه زيادة في الرواية أضافها الراوي.
وهذه الزيادة لا تصح; لأنّ الروايات التي وردت في صحيح البخاري وفي صحيح مسلم نفسه تصرّح على لسان عبد الله بن مسعود أنّ عمر بن الخطّاب لم يقتنع بكلام عمّار بن ياسر ، ولم يرتضه ، فكيف بعد ذلك يوافق عمّار على التحدّث به وهو لم يقبله ، ومعلوم من عمر أنّه منع الحديث الذي لا يعرفه ، فما بالك بالحديث الذي رفضه! ، وأيضاً طلب من أبي موسى أن يشهد معه شاهداً عندما حدّثه حديثاً عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الاستئذان ، فلمّا أنكره عمر طالب أبا موسى بشاهد يشهد معه على أنّه سمع الحديث من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حتى إنّ أبا موسى ذهب يبحث عمّن يشهد معه ، وإلاّ ضربه عمر ، ولمّا شهد معه بعض الصحابة عند ذلك تخلّص من وطأة عمر ، ( البخاري ٤ : ٤٣٠ ، ح ٧٣٥٣ ).
وأمر تثبت عمر في الرواية معروف لديكم ومتسالم ، فكيف يقبل عمر أن يحدّث عماراً مع عدم قناعته بالحديث؟! بل إنّ ما يوافق سيرة عمر وعمله من الروايات أنّ عمر لم يقبل بقول عمّار ، وعدم قبوله يعني منعه من التحديث.
أضف إلى ذلك أنّ هذه الزيادة وإن كانت من ثقة ، إلاّ أنّها تخالف الروايات الكثيرة التي رواها الثقات من أنّ عمر لم يقتنع بقول عمّار ، ومعلوم أنّ عدم قناعة عمر تساوي رفضه للتحديث كما هو واضح.
وأنصح عثمان الخميس أن يطالع كتب علم الحديث البدائية كي يطّلع على هذا الفنّ ، حتى يصلح أخطاءه الفظيعة في كتابه كشف الجاني وغيره.