وجرى بينهما كلام حتّى قال عثمان لعلي : أنت أحقُّ بالنّفي منه ، فقال علي : رُم ذلك إن شئت.
واجتمع المهاجرون إلى عثمان فقالوا : إن كنتَ كلّما كلّمك رجلٌ سيّرتَه ونفيتَهُ فإنّ هذا شيء لا يسوغ ، فكفَّ عن عمّار.
وفي رواية اليعقوبي من تاريخه ٢ : ١٤٧ : أنّ عمار بن ياسر صلّى على المقداد ودفنَه ، ولم يؤذن بذلك عثمان بوصية من المقداد ، فاشتدّ غضب عثمان على عمّار وقال : ويلي على ابن السوداء ، أما لقد كنتُ به عليماً (١).
أفيمكن للحيىّ الذي تستحي منه الملائكة أن يتفحّش في الأقوال ، ولخيرة المؤمنين؟
ولم يكتف عثمان بشتم عمّار وقوله له فحشاً من القول ، كقوله : يا عاضّ أير أبيه ، حتَّى أمرَ غلمانه فمسكوا عماراً ، ومدوا بيديه ورجليه ، ثمّ ضربه عثمان برجليه ، وهي في الخفّين على مذاكيره فأصابه الفتق ، وكان ضعيفاً كبيراً فغُشي عليه ، وهذه قصّة معروفة عند المؤرّخين (٢) ، عندما كتب جمع من الصحابة كتاباً وأمروا عمّار أن يوصله له.
وكذلك فعل عثمان مع عبد الله بن مسعود إذ أمر به أحد جلاوزته ، وهو عبد الله بن زمعة ، فاحتمله ابن زمعة حتّى جاء به باب المسجد ، وضرب به الأرض فكسّر ضلعاً من أضلاعه (٣) ، لا لشيء إلاّ أن عبد الله بن مسعود
____________
(١) راجع الغدير للأميني ٩ : ١٩ عن أنساب الأشراف وتاريخ اليعقوبي ٢ : ١٧٣.
(٢) راجع الغدير ٩ : ١٦ عن أنساب الأشراف ٦ : ٢٠٩ ، الاستيعاب ، رقم ١٨٦٣ ، الامامة والسياسة ١ : ٣٥.
(٣) الغدير ٩ : ٣ عن أنساب الأشراف ٦ : ١٤٦ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٧٠.