حتى يتعب من الأكل ولا يشبع.
وفي الحقيقة لم أكن أعرف هذه الرّوايات التي تجعل اللّعنة رحمة وقربة من الله إلى أن عرّفني عليها أحد المشايخ في تونس ، وهو موصوف بالعلم والمعرفة ، وكنّا في مجمع نتجاذب أطرَاف الحديث حتّى جاء ذكر معاوية بن أبي سفيان ، وكان الشيخ يتحدّث عنه بكلّ إعجاب ، ويقول : هو داهية ومشهور بالذكاء وحسن التدبير.
وأخذ يتكلّم عنه وعن سياسته وانتصاره على سيّدنا علي كرّم الله وجهه في الحرب ، وصبرت عليه بمضض ، ولكنّه ذهب شوطاً بعيداً في إطراء معاوية والثناء عليه ، حتّى عيل صبري وقلتُ له : بأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما كان يحبّهُ ، وقد دعا عليه ولعنَهُ.
فاستغرب الحاضرون ، ومنهم من غضب من قولي ، ولكنّ الشيخ بكلّ هدوء ردّ علىَّ يصدّقني ، ممّا زاد دهشة الحاضرين وقالوا له : نحن لم نفهم شيئاً! من ناحية أنت تمدحه وتترضّى عنه ، ومن ناحية أُخرى توافق على أنّ النبىّ لعنَه؟ فكيف يصحُّ هذا؟ وتساءلتُ أنا معهم : كيف يصحُّ ذلك؟
وأجابنا الشيخ بجواب بدا غريباً وصعب القبول قال : إنّ الذي يلعنه رسول الله أو يسبّه فهي له زكاة ورحمة وقربة عند الله سبحانه ، وتَسَاءل الجميع في دهشة : وكيف ذلك؟ قال : لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « أنا بشر كسائر البشر ، وقد سألت الله أن يجعل دعائي ولعنتي رحمة وزكاة » ، ثمّ أضاف قائلا : وحتّى الذي يقتله رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو من دنياه إلى الجنّة مباشرةً.
واختليتْ بالشيخ فيما بعد ، وسألته عن مصدر الحديث الذي ذكره ،