جزئه الثاني ٧١ :
عن خارجة بن زيد بن ثابت ، أنّ أُمّ العلاء أمرأةً من الأنصار بايعت النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أخبرتْهُ أنّهُ اقتسم المهاجرونَ قرعةً ، فطارَ لنا عثمان بن مظعون فأنزلناه في أبياتنا ، فوجِعَ وجعَهُ الذي توفّيَ فيه ، فلمّا توفِّي وغُسِّل وكُفِّنَ في أثوابه دخَلَ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقلُتُ : رحمة الله عليك أبا السَّائِبِ ، فَشَهَادَتِي عليكَ لقدْ أكرمَكَ الله.
فقال النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « وما يدريك أنّ الله أكرمه »؟ فقُلتُ : بأبي أنتَ يا رَسولَ الله ، فمن يكرِمُهُ الله ، فقال عليهالسلام : « أمَّا هو فقد جاءه اليقينُ ، والله إنّي لأرجو له الخير ، والله ما أدري وأنَا رسول الله ما يُفْعَلُ بي ». قالت : فوالله لا أزكّي أحداً بعده أبداً.
إنّ هذا لشيء عجاب والله! فإذا كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقسم بالله أنّه لا يدري ما يفعَلُ به ، فماذا يبقى بعد هذا؟!
وإذا كان الله سبحانه يقول : ( بَلِ الإنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) (١) وإذا كان الله يقول لنبيّه : ( إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً * وَيَنْصُرَكَ اللّهُ نَصْراً عَزِيزاً ) (٢).
وإذا كان دخول الجنة للمسلمين موقوفاً على اتباعه واطاعته والتصديق به ، فكيف نصدّق هذا الحديث الذي لا أقبح منه ، نعوذ بالله من عقيدة بني
____________
(١) القيامة : ١٤.
(٢) الفتح : ١ ـ ٣.