وفي رواية أُخرى للبخاري قال : جاء رجلٌ من اليهود إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد لُطِمَ وجهَهُ وقالَ : يا محمّد إنّ رجلا من أصحابك من الأنصار لطَمَ في وجهي ، قال : « ادعوهُ » فدعوهُ ، قال : « لمَ لطمت وجْهَهُ »؟ قال : يا رسول الله إنّي مررتُ باليهود فسمعتُهُ يقول : والذي اصطفى موسَى على البشر ، فقلتُ : وعلى محمّد ، وأخذتني غضبةٌ فلطمتُه.
قال : « لا تُخيِّروني من بين الأنبياء ، فإنّ النّاس يصعقون يوم القيامة ، فأكون أوّل من يفيقُ ، فإذا أنا بموسَى آخِذٌ بقائمة من قوائم العرشِ ، فلا أدري أفاق قبلي أمْ جُزِيَ بصعقةِ الطُّور » (١).
كما أخرج البخاري في صحيحه في كتاب تفسير القرآن ، سورة يوسف عليه الصلاة والسلام ، باب قوله ( فلمّا جاءه الرسول ) :
عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يرحَمُ الله لوطاً ، لقد كان يأوي إلى ركن شديد ، ولو لبْثت في السجن ما لبث يوسفُ لأجبتُ الدّاعي ، ونحنُ أحقُّ من إبراهيم إذ قال لَهُ : أو لم تؤمن؟ قال : بلى ، ولكن ليطمئنّ قلبي.
ولم يكفهم كلّ ذلك حتّى جعلوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من الشاكين حتّى في مصيره عند ربّه ، فلا الشفاعة ، ولا المقام المحمود ، ولا تفضيله على الأنبياء والمرسلين ، ولا تبشير بالجنة لأصحابه; إذا كان هو نفسه لا يعرفُ مصيره يوم القيامة ، إقرأ معي هذه الرواية التي أخرجها البخاري ، وأعجب أو لا تعجب :
أخرج البخاري في صحيحه باب في الجنائز من كتاب الكسوف من
____________
(١) صحيح البخاري ٥ : ١٩٦ ، ٨ : ٤٨.