عيسى مروراً بنوح وإبراهيم وموسى ( عليهم وعلى نبينا أفضل الصّلاة وأزكى التسليم ) لن يشفعوا عند الله يوم القيامة ، وخصّ الله بها محمّداً صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ونحن نؤمن بكلّ ذلك ، ونقول بتفضيله صلىاللهعليهوآلهوسلم على سائر البشر ، ولكنّ الإسرائيليين وأعوانُهم من بني أُميَّة لم يتحمّلوا هذا الفضل والفضيلة لمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حتى اختلقوا رواياتٌ تقول بتفضيل موسى عليه.
وقد مرّ بنا في خلال أبحاث سابقة قول موسى لمحمّد ليلة الإسراء والمعراج ، ولما فرض الله عليه خمسين صلاة ، قال له موسى : أنا أعلم بالنّاس منك.
وهذا لم يكف ، فاختلقوا روايات أُخرى تقول بتفضيله ( أي موسى على محمّد ) على لسان محمّد نفسه ، فإليك بعض هذه الروايات :
أخرج البخاري في صحيحه من كتاب التوحيد ، باب في المشيئة والإرادة ( وما تشاؤون إلاّ أن يشاء الله ) :
عن أبي هريرة قال : استبَّ رَجُلٌ من المسلمين ورَجُلٌ من اليهودِ ، فقالَ المسلمُ : والذي اصطفى محمّداً على العالمين في قسم يُقسِمُ به ، فقال اليهودي : والذي اصطفى موسَى على العالمين ، فرفع المسلم يدهُ عند ذلك فلطَمَ اليهودىُّ.
فذهب اليهودىُّ إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأخبرَهُ بالذي كان من أمره وأمرِ المسلم ، فقال النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا تُخيِّروني على موسى ، فإنّ النّاس يصعقونَ يومَ القيامةِ ، فأكون أوَّلَ من يفيقُ ، فإذا موسى باطِشٌ بجانب العَرْشِ ، فلا أدري أكان فيمن صَعِقَ فأفاقَ قبلي ، أو كان ممّن استثنى الله ».