نساءٌ من قريش يكلّمنَهُ ، ويستكثرنَهُ ، عالية أصواتُهنَّ ، فلما استأذن عمرُ قُمْنَ يبتدرنَ الحجابَ ، فأذنَ لَهُ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يضحَكُ ، فقال عمرُ : أضحك اللّهَ سِنَّك يا رسول اللّه؟ قال : « عجبتُ من هؤلاء اللاّتي كنَّ عندي ، فلمَّا سمعنَ صوتكَ ابتدرنَ الحجابَ ».
قالَ عُمرُ : فأنتَ يا رسول الله كنتَ أحقَّ أن يهبنَ ، ثمّ قال : أي عديّاتِ أنفسهنّ! أتهبنني ولا تهبن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قلن : نعم! أنتَ أفظُّ وأغلظُ من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قالَ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « والذي نفسي بيده ما لقيَكَ الشيطانُ قطٌّ سالِكاً فجّاً إلاّ سَلك فجّاً غير فجّكَ »!!
كَبُرَتْ كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلاّ كذباً ، أُنظر إلى فظاعة الرّواية ، وكيف أنّ النّساء يهبنَ عمر ولا يهبنَ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويرفعن أصواتهن فوق صوت النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا يحترمنه فلا يحتجبن بحضرته ، وبمجرّد سماع صوت عمر سكتنَ وابتدرن الحجاب؟!
عجبتُ والله من أمر هؤلاء الحمقَى الذين لا يكفيهم كلّ ذلك حتّى ينسبون إليه أنّه فظٌّ غليظ بكلّ صراحة ، لأنّ عمر أفظّ وأغلظ من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فهي من أفعال التفضيل ، فإن كانت هذه فضيلة لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فعمر أفضل منه ، وإن كانت رذيلة فكيف يقبل المسلمون وعلى رأسهم البخاري ومسلم مثل هذه الأحاديث؟!
ثمّ لم يكفهم كلّ ذلك حتّى جعلوا الشيطان يلعبُ ويمرحُ بحضرة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا يخافه ، فلا شكّ أنّ الشيطان هو الذي استفزّ النسوة حتى يرفعن أصواتهنّ ويخلعن حجابهنّ ، ولكنّ الشيطان هربَ وسلك فجّاً آخر