ظهرانيهم ، فكيف بعد وفاته ، وقد انحرفت الأُمّة وتقاتلوا وأصبحوا مذاهب وأحزاباً كلّ حزب بما لديهم فرحون.
ولكن بقي شيء واحدٌ سجّلَهُ المؤرّخون ، والصّحابة الذين كانوا من أنصار عمر بن الخطاب نفسه ، ألا وهو الخلق الذي كان يمتاز به عُمرُ في الغلظة والفظاظة والشدّة على الناس وحدّة الطبع ، ومن كان هذا طبعه عادة لا يحبّه الناس ، قال تعالى : ( وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ القَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) (١).
ولكنّ المعجبين بعمر يقلّبون الموازين ، ويجعلون من النقيصة منقبة ومن الرذيلة فضيلة ، فقد عمدوا إلى اختلاق رواية في شدّة السخافة والبلاهة ، والمسّ بكرامة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي يشهد الله سبحانه بأنّه ليس فظّاً ولا غليظاً ، وإنّما هو ليّن الطبع ( فَبَِما رَحْمَة مِنَ اللّهِ لِنْتَ لَهُمْ ) (٢) ، ( وَإنَّكَ لَعَلى خُلُق عَظِيم ) (٣) ، ( بِالمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ) (٤) ، و ( رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) (٥) ، فلنستمع إلى هؤلاء الحمقى ماذا يقولون فيه :
أخرج البخاري في صحيحه من كتاب بدء الخلق ، باب صفة إبليس وجنوده ، وأخرج مسلم في صحيحه من كتاب فضائل الصحابة ، باب من فضائل عمر :
عن سعد بن أبي وقّاص ، قال : استأذن عمر على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعندَهُ
____________
(١) آل عمران : ١٥٩.
(٢) آل عمران : ١٥٩.
(٣) القلم : ٤.
(٤) التوبة : ١٢٨.
(٥) الأنبياء : ١٠٧.