ولكنّك غلبتني ) فيغفر الله لأبي بكر لضعفه ولتقدّمه في الخلافة عليه ، لأنّ أنصار عمر من بني عدي وبني أُميّة ، ما رأوا رخاءً وانتفاعاً وغنائم وفتوحات مثل ما رأوه في زمانه .. نعم كل هذا فضل عمر بن الخطّاب في الحياة الدنيا; فلا بدّ أن يضمنوا له الجنّة في الآخرة ـ أيضاً ـ بمرتبة أكبر وأفضل من صاحبه أبي بكر ، وقد فعلوا.
أخرج البخاري في صحيحه من كتاب بدء الخلق ، باب ما جاء في صفة الجنة وأنّها مخلوقة ، وأخرج مسلم في صحيحه في كتاب فضائل الصحابة ، باب من فضائل عمر :
عن أبي هريرة ( رضي الله عنه ) قال : بينما نحن عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إذ قال : بينما أنا نائمٌ ، رأيتُنِي في الجنَّة ، فإذا امرأةٌ تتوضَّأُ إلى جانب قصر ، فقلت : لمن هذا القصْرُ؟ فقالوا : لعمر بن الخطّاب ، فذكرتُ غَيْرَتَهُ فولّيتُ مدبراً ، فبكى عُمرُ ، وقال : أعليكَ أغَارُ يا رسول الله؟!
أخي القارئ أظنّك فطنت إلى تنسيق هذه الروايات المكذوبة ، وقد سطّرتُ على كلّ منها تحت عبارة واحدة مشتركة في كلّ الروايات التي اختصّت بفضائل عمر بن الخطّاب ، ألا وهي قول الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ( وحاشاه طبعاً ) : بينما أنا نائم ، فتجدها دائماً في كلّ الرّوايات : بينما أنا نائم رأيت النّاس يعرضون علىَّ ، بينما أنا نائمٌ أُتيتُ بقدحِ لبن ، بينما أنا نائمٌ رأيتني على قليب ، وبينما أنا نائمٌ رأيتني في الجنّة.
ولعلّ راوي الحديث كان كثير الحلم والأضغاث ، فكان يتأوّل ويختلق الروايات على لسان النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فكم كُذِبَ عليه في حياته وهو موجود بين