منه ، كائنٌ لاَ عن حَدَث ، موجودٌ لا عن عَدَم ، مع كلّ شيء لا بمُقارنة ، وغيرُ كلّ شي لا بمزايلة ، فاعِلٌ لا بمعنى الحركات والآلةِ ، بصيرٌ إذْ لا منظور إليه من خلقِهِ ... » (١).
وإنّي أُلفِتُ نظر الباحثين من الشباب المثقفين إلى الكنوز التي تركها الإمام علي عليهالسلام ، والتي جُمعتْ في « نهج البلاغة » ، ذلك السفر القيّم الذي لا يتقدّمه إلاّ القرآن ، والذي بقي مع الأسف مجهولا لدى أغلبية النّاس ، نتيجة الإعلام والإرهاب والحصار المضروب من قبل الأمويين والعبّاسيين على كل ما يتّصل بعلي بن أبي طالب عليهالسلام.
ولستُ مبالغاً إذا قلتُ بأنّ في « نهج البلاغة » كثيراً من العلوم والنصائح التي يحتاجها النّاس على مرّ العصور ، وفي « نهج البلاغة » علم الأخلاق ، وعلم الاجتماع ، وعلم الاقتصاد ، وإشارات قيّمة في علم الفضاء والتكنولوجيا ، إضافة إلى الفلسفة ، والسّلوك ، والسياسة ، والحكمة.
وقد أثبتُ ذلك شخصياً في الأطروحة التي قدّمتها إلى جامعة السوربون ، والتي نُوقِشتْ على مواضيع أربعة اخترتها من « نهج البلاغة » ، وحصلتُ من خلالها على شهادة الدكتوراه.
فيا ليتَ المسلمين يولون « نهج البلاغة » عناية خاصّة ، فيبحثون فيه كلّ الأطروحات وكل النّظريات ، فهو بحر عميق كلّما غاص فيه الباحث استخرج منه اللؤلؤ والمرجان.
____________
(١) نهج البلاغة : ١ : ١٥ ، الخطبة الأولى.