فهل سيقبلون الإسلام ويدخلون في دين الله أفواجاً؟
سبحانك! إنّ هذا زورٌ من القول ركَّزَهُ الأمويّون ، وروّجوا له لحاجة في نفوسهم ، والباحث يعرف سرّ ذلك ، وهو زورٌ من القول لأنّه يعارض كلامك ، وحاش رسولك أنّ يتقوّل عليك بما يُناقضُ وَحْيُك الذي أوحيتَ إليه ، وقد ثبت أنَّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « إذا جاءكم الحديث عنّي فاعرضوه على كتاب الله ، فما وافق الكتاب فخذوه ، وما خالف كتاب الله فاضربوا به عرض الجدار » (١).
وكلّ هذه الأحاديث وأمثالها كثيرة تعارض كتاب الله وتعارض العقل ، فليضرب بها عرض الجدار ، ولا يُلتفتُ إليها وإن كان أخرجها البخاري ومسلم ، فما كان معصوميْن عن الخطأ.
ويكفينا دليلا واحداً للردّ على هذا الادّعاء الباطل هو بعثة الأنبياء والمرسلين من قبل الله إلى خلقه ، وعلى طول التاريخ البشري ليُصلحوا مفاسد العباد ، ويوضّحوا لهم الصراط المستقيم ، ويعلّموهم الكتاب والحكمة ، ويبشّروهم بالجنّة إن كانوا صالحين ، وينذروهم من عذاب الله في النّار إن كانوا مُفسدين.
ومن عدالة الله سبحانه في خلقه ورحمته بهم أنّه لا يعذّب إلاّ من بعث إليه رسولا ، وأقام عليه الحجّة ، قال تعالى : ( مَنِ اهْتَدَى فَإنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ اُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا ) (٢).
____________
(١) تفسير أبي الفتوح الرازي ٣ : ٣٩٢ ، باختلاف يسير.
(٢) الإسراء : ١٥.