وكقوله لأبي ذرّ بأنّه سيموت وحيداً طريداً ، إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة ، ومنها حديثه المشهور الذي أخرجه البخاري ومسلم وكلّ المحدّثين والذي جاء فيه : « الأئمة من بعدي اثنا عشر كلّهم من قريش » (١)
__________________
١ ـ بهذا اللفظ في كفاية الأثر للخزاز القمي : ٢٧ ، ورد بألفاظ مختلفة في كلّ من : صحيح البخاري ٨ : ١٢٧ ( كتاب الأحكام ، باب بيعة النساء ) ، صحيح مسلم ٦ : ٣ ( كتاب الامارة ، باب الناس تبع لقريش ) ، سنن أبي داود ٢ : ٣٠٩ ح٤٢٨٠ ، سنن الترمذي ٣ : ٣٤٠ ، المستدرك ٣ : ٦١٨ ، وغيرها.
ولا يخفى أنّ الحديث لا يدلّ على لزوم تصدّي هؤلاء الاثني عشر للحكم الظاهري ، فلا يقدح فيه عدم جريان أحكام بعض الأئمة عليهمالسلام في الظاهر ، ولهذا قال صلىاللهعليهوآلهوسلم مشيراً إلى الحسنين : « ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا » ، فالحديث يدلّ على أنّ أمر الناس سيكون ماضياً والإسلام سيكون عزيزاً إذا وليهم اثنا عشر خليفة ، فما دام لم يليهم هؤلاء لم يكونوا أعزّاء بل أصيبوا طيلة حياتهم ومنذ وفاة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى يومنا هذا بأنواع الفتن والمحن ، وهذا نظير قوله تعالى : ( وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لاََسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً ) فبما أنّهم لم يستقيموا لم يسقوا ، وبما أنّ المسلمين لم يتمسّكوا بهؤلاء الاثني عشر لم يكونوا أعزّاء.
ثمّ إنّ هذا الحديث من المعاجز النبويّة ومن الأُمور الغيبية التي أخبر بها نبي الرحمة صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد أثبتها الرواة ورووها قبل اكتمال عدد الأئمة عليهمالسلام فلا يحتمل فيها الوضع من قبل الشيعة ، ولا يقدح في تمسّكنا به افتراق بعض الشيعة ، فإنّ الضلال له أسباب ودوافع مختلفة منها المعاندة ، قال تعالى : ( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ) ، فافتراق بعض الشيعة وانحرافهم عن الصراط المستقيم لا يدلّ على عدم صحة تمسّكنا بهذا الحديث.
ثمّ إنّه لا يقال : « إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أبلغ الناس ولا يذكر الأعم وهو قوله : كلّهم من قريش ، ويريد الأخص وهو عليّ وأولاده ، فهذا خلاف البلاغة ».