الأقدمين لم يعدّوا أحمد بن حنبل من الفقهاء ، كابن قتيبة وهو قريب من عصره جدّاً ، وكذلك ابن جرير الطبري وغيرهما » (١).
وجاء ابن تيميّة فرفع لواء المذهب الحنبلي ، وأدخل عليه بعض النظريات الجديدة التي تحرّم زيارة القبور والبناء عليها ، والتوسّل بالنّبي وأهل البيت ، فكلّ ذلك عنده شركاً.
فهذه هي المذاهب الأربعة ، وهؤلاء هم أئمتها وما ينسبُ إليهم من أقوال في حقّ العترة الطاهرة من آل البيت.
__________________
١ ـ كتاب أحمد بن حنبل لأبي زهرة : ١٧٠ ، وانظر الإمام الصادق لأسد حيدر ١ : ١٦٩ وضحى الإسلام لأحمد أمين ٢ : ٢٣٥ ، وأحمد بن حنبل السيرة والمذهب لسعيد أبو حبيب : ص٥٧.
وقد ذكر هذا الأخير أسماء كثير من العلماء الذين لم يعدوا أحمد بن حنبل فقيهاً كالطحاوي ، والمقدسي ، والأصيلي ، وابن عبد البرّ ، والغزالي ، والنسفي ، والسمرقندي ، والدبوسي ، مضافاً إلى ابن قتيبة والطبري.
قال ابن الأثير في حوادث سنة ٣١٠ هـ وفي هذه السنة توفي محمّد بن جرير الطبري صاحب التاريخ ببغداد .. ودفن ليلا بداره ؛ لأنّ العامة اجتمعت ومنعت من دفنه نهاراً وادعوا عليه الرفض ، ثمّ ادعوا عليه الإلحاد .. وبعض الحنابلة تعصّبوا عليه ووقعوا فيه فتبعهم غيرهم ، ولذلك سبب ، وهو أنّ الطبري جمع كتاباً ذكر فيه اختلاف الفقهاء لم يصنف مثله ولم يذكر فيه أحمد بن حنبل ، فقيل له في ذلك ، فقال : لم يكن فقيهاً وإنّما كان محدثاً ، فاشتدّ ذلك على الحنابلة.
ومنه يُعرف أن التضخيم الذي يذكر لأحمد بن حنبل ، وبيان منزلته وفقاهته وعلمه وزهده .. إلى غير ذلك ما هو إلاّ تصنيع من قبل الحنابلة أنفسهم ، وإضفاء ألقاب وأوصاف مصطنعة لا تمتّ إلى الواقع بصلة وليس لها من حقيقة الأمر شيء ، وكذلك يتضح مدى جهل عثمان الخميس في كتابه كشف الجاني : ١٧٥ ، وعدم معرفته بترجمة إمامه ورأي العلماء فيه.