فإمّا أنّهم يقولون ما لا يفعلون وهو مقتٌ كبيرٌ عند الله ، أو أنّهم لم يبتدعوا تلك المذاهب ، ولكن أتباعهم من أذناب الأمويّين والعبّاسيين هم الذين أسسوا تلك المذاهب بإعانة الحكّام الجائرين ثمّ نسبوها إليهم بعد وفاتهم ، وهذا ما سنعرفه إن شاء الله في الأبحاث القادمة.
أفلا تعجبون من هؤلاء الأئمة الذين عاصروا أئمّة الهدى من أهل البيت ، ثمّ تنكّبوا صراطهم المستقيم ، ولم يهتدوا بهديهم ، ولا اقتبسوا من نورهم ، ولا قدّموا حديثهم عن جدّهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل قدّموا عليهم كعب الأحبار اليهودي ، وأبا هريرة الدّوسي الذي قال في شأنه أمير المؤمنين علي عليهالسلام : « إنّ أكذب الناس على رسول الله لأبو هريرة الدوسي » (١) كما قالت فيه عائشة
__________________
١ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٤ : ٦٨ ، أضواء على السنّة المحمّدية لأبي رية : ٢٠٤.
وفي شرح النهج أيضاً ٤ : ٦٨ « قال أبو جعفر : وأبو هريرة مدخول عند شيوخنا غير مرضيّ الرواية ، ضربه عمر بالدرّة وقال : قد أكثرت من الرواية ، وأحر بك أن تكون كاذباً على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » وكذلك حكى ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث : ٢٧ ، ٤٨ أنّ النظام ذكر أبا هريرة وقال : أكذبه عمر وعثمان وعليّ وعائشة ، ثمّ انبرى ابن قتيبة للدفاع عن أبي هريرة قائلا : « فلمّا أتى من الرواية عنه ( أي عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ) ما لم يأت بمثله من صحبه من جلّة أصحابه أو السابقين الأولين إليه ، اتهموه وأنكروا عليه وقالوا : كيف سمعت هذا وحدك؟ ومن سمعه معك؟ وكانت عائشة أشدّهم إنكاراً عليه لتطاول الأيام بها وبه ... فلمّا أخبرهم أبو هريرة بأنّه كان ألزمهم لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ... وأنّه لم يكن ليشغله عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم غرس الودي ولا الصفق بالأسواق ، يعرّض أنّهم كانوا يتصرّفون في التجارات ويلزمون الضياع في أكثر الأوقات وهو ملازم له لا يفارقه ، فعرف