السلطة والحكّام ، وسالمهم ومشى في ركابهم ، فأصبح بذلك الرجل المهاب والعالم المشهور ، وانتشر مذهبه بوسائل الترهيب والترغيب خصوصاً في الأندلس ، حيث عمل تلميذه يحيى بن يحيى على موالاة حاكم الأندلس ، فأصبح من المقرّبين ، وأعطاه الحاكم مسؤولية تعيين القضاة ، فكان لا يولي على القضاء إلاّ أصحابه من المالكيّة فقط (١).
__________________
١ ـ قال ابن خلكان في وفيات الأعيان ٥ : ١١٧ في ترجمة يحيى بن يحيى : » قال أبو محمّد علي بن أحمد المعروف بابن حزم الأندلسي : مذهبان انتشرا في مبدأ أمرهما بالرياسة والسلطان : مذهب أبي حنيفة ... ومذهب مالك بن أنس عندنا في بلاد الأندلس ... «.
وقال الذهبي في السير ١٠ : ٥٢٤ : ( كان أمير الأندلس لا يولي أحداً القضاء بمدائن أقليم الأندلس إلاّ من يشير به يحيى بن يحيى ، فكثر لذلك تلامذة يحيى ابن يحيى ، وأقبلوا على فقه مالك ونبذوا ما سواه ).
وقال الشاه ولي اللّه الدهلوي في حجّة اللّه البالغة ١ : ٢٨٣ « فأيّ مذهب كان أصحابه مشهورين وأسند إليهم القضاء والإفتاء ، واشتهرت تصانيفهم في الناس ودرّسوا درساً ظاهراً انتشر في أقطار الأرض ولم يزل ينتشر كلّ حين ، وأيّ مذهب كان أصحابه خاملين ولم يولّوا القضاء والإفتاء ولم يرغب فيهم الناس اندرس بعد حين » ، قد يقال : إنّ مالك أصابته محنة في زمن المنصور العباسي وضرب بالسياط ، فكيف تدّعون أنّ السياسة هي التي روّجت له؟ فنقول : نعم حدثت لمالك محنة بسيطة من قبل جعفر بن سليمان والي المنصور على المدينة وذلك في سنة ١٤٧ هـ كما ذكر ابن الجوزي في المنتظم ٩ : ١٦٢ ، ولكن أبو جعفر المنصور عاد واعتذر لمالك عندما جاء إلى الحجّ سنة ١٥٢.
قال الذهبي في السير ٨ : ١١٣ : ( قال أبو الوليد الباجي : روي أنّ المنصور حجّ وأقاد مالكاً من جعفر بن سليمان الذي كان ضربه ).