__________________
وفي المقابل تبعث إليه بحقّ فضة فيه حقاق فضة مطبقات ، في كلّ واحد لون من الطيب ، وفي جام دراهم وسطها جام فيه دنانير!!
وفي أحد الأيام يجد هارون الرشيد شاباً من أهله يزني بامرأة ، فيغتم لذلك ؛ لأنّه أمير المؤمنين وظل اللّه في الأرضيين فلا يستطيع أن لا يقيم الحدّ عليه ولكنّه من أهله فلا يستطيع أن يقيم الحد ، فيغتم ، ويبعث في طلب فقيه يجلي غمّه عنه ، فيؤتى بأبي يوسف ، فيسأله : ما تقول في إمام شاهد رجلا يزني هل يحدّ؟
وفي الحال يدرك أبو يوسف أنّ هارون الرشيد شاهد بعض أهله يزني ؛ لأنّه عند مجيئه لملاقاة هارون الرشيد شاهد شاباً عليه علامات الملوك محبوساً ، فلذلك يسرع أبو يوسف ليقول : لا ، ليس عليه حدّ ، فيسجد الرشيد شكراً للّه ، ويعلل ذلك لهارون الرشيد بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : » ادرؤوا الحدود بالشبهات ) ، وهذه شبهة فيدرأ بها الحدّ.
ويستغرب هارون من هذا الجواب فيقول : وأيّ شبهة مع المعاينة؟! فيتفلسف فقيه السلطة بالجواب قائلا : ليس توجب المعاينة أكثر من العلم ، والحدود لا تكون بالعلم!!
وهكذا يعطل حدّ اللّه لارضاء السلطان ، ويسرع هارون الجواري لأنّ يسجد شكراً للّه مرّة أُخرى ويملأ كيس أبي يوسف بالنقود!!
ثمّ يقول أبو يوسف : « فما خرجت حتى جاءتني هدية الفتى وهدية أُمّه وجماعته ، وصار ذلك أصلا للنعمة ، ولزمت الدار ، فكان هذا الخادم يستفتيني وهذا يشاورني ، ولم يزل حالي يقوى عند الرشيد حتى قلّدني القضاء ».
وبتقليده القضاء لهارون الجواري استطاع أن ينشر فقه أبي حنيفة ويفرض مذهبه بين الناس ، ولولاه لاندرس ذكر أبي حنيفة وما عرفه أحد.
وأما حاله من حيث الرواية والعلم فهذا ابن معين يقول فيه : لم يكن يعرف الحديث.
ويقول عبد اللّه بن إدريس : كان أبو حنيفة ضالا مضلا ، وأبو يوسف فاسقاً من