__________________
حنيفة ، وهو الذي نشر مذهب أبي حنيفة بواسطة تولّيه القضاء لثلاثة من خلفاء بني العباس المهدي وابنه ثمّ هارون الرشيد ، وهو أوّل من لقّب بقاضي القضاة في ملك هارون الرشيد ، وأخذ الرشيد يكرّمه ويجلّه ؛ لأنّه فقيه السلطة يفتيها حسبما تريد ، ويحلّل لها ما تشتهي وتحب ، فهذا هارون الرشيد تقع في نفسه جارية لعيسى صاحبه ، فيأبى عيسى أن يهبها أو يبيعها لهارون الرشيد ، لأنّه حلف بالطلاق والعتاق وصدقة جميع ماله على أن لا يبيع ولا يهب هذه الجارية ، فيبعث هارون الرشيد إلى أبي يوسف ليلا ، ليجد له حلا يلصقه بالشرع يستطيع من خلاله النوم في أحضان تلك الجارية ، ولم يتوان أبو يوسف في الافتاء على طبق هوى هارون الرشيد فيقول لهارون الرشيد : ليهب لك عيسى نصفها ويبيعك نصفها ، فلا يحنث في يمينه ؛ لأنّه لم يبع ولم يهب!!
وبعد أن تصبح الجارية ملك هارون الرشيد أمير المؤمنين!! ببركة فقيه السلطة وقاضي قضاتها أبي يوسف ، وإذا بهارون الرشيد يقول : يا يعقوب بقيت واحدة .. هي مملوكة ولابد أنّ تستبرأ ، وواللّه لئن لم أبت معها ليلتي هذه إنّي أظنّ أنّ نفسي ستخرج!! فيسرع فقيه السلطة أبو يوسف ليحلل لأمير المؤمنين هارون الرشيد تلك الجارية ، وإلاّ خرجت روح أميره ويبقى بلا أمير يثني عليه ويغدقه بالأموال الطائلة ، فيقول لهارون : يا أمير المؤمنين تعتقها وتتزوّجها ، فإنّ الحرّة لا تستبرأ!! ثمّ يسرع أبو يوسف ويزوّج تلك الجارية من هارون الرشيد حتى ينام في أحضانها بدلا من خروج روحه شبقاً بها.
وعندما يرى هارون الرشيد أنّ فقيهه أبا يوسف حلّل له تلك الجارية ، ولم يقصّر في سعيه ، فيقول لخادمه مسرور : يا مسرور أحمل إلى يعقوب مائتي ألف درهم وعشرين تختاً ثياباً.
وفي أحد الأيام تبعث زبيدة زوجة هارون الرشيد إلى أبي يوسف بكتاب تقول فيه : ما ترى في كذا ، وأحبّ الأشياء إليّ أن يكون الحقّ فيه كذا!!
فلا يألو أبو يوسف في المسارعة فيما تهوى فيفتيها بما أحبت!!