كذلك نجد أنّ سبب انتشار مذهب أبي حنيفة بعد موته هو أنّ أبا يوسف والشيباني (١) ، وهما من أتباع أبي حنيفة ومن أخلص تلاميذه ، كانا في نفس
__________________
قال أبو جعفر : يحملون عليه ، ونضرب عليه هاماتهم بالسيف ، ونقطع طي ظهورهم بالسياط .. ).
ونحو هذا ورد أيضاً في الديباج المذهب ١ : ٢٥.
ومات أبو جعفر المنصور ولم يكمل مالك كتاب الموطأ بعد ، وتقرّب مالك إليهم فحقّقوا ما كان في عزم أبي جعفر المنصور ، فهذا الخليفة هارون الرشيد تتوطّد العلاقة بينه وبين الإمام مالك ، فيطلب من مالك أن يجعل الموطأ مرجعاً للناس وأن يعلّقه على أستار الكعبة.
قال أبو نعيم في الحلية ٦ : ٣٦٢ ( ٨٩٤٤ ) : ( عن عبد اللّه بن عبد الحكم قال : سمعت مالك بن أنس يقول : شاورني هارون الرشيد في ثلاث ؛ أن يعلّق الموطأ في الكعبة ويحمل الناس على ما فيه ... ).
وفي فيض القدير للمناوي ١ : ٢٧١ ، أنّ هارون الرشيد لما أراد الخروج إلى العراق طلب من مالك بن أنس أن يذهب معه وأن يحمل الناس على الموطأ.
بعد هذا الذي ذكرناه حول مذهب مالك بن أنس وكيفيّة انتشاره يتّضح أنّ ما ذكره عثمان الخميس في كشف الجاني : ١٧٥ ما هو إلاّ إنكار للحقائق الواضحة ، وتكذيب للأُمور الثابتة.
ويتّضح معاندة هذا الرجل وتكذيبه للحقائق جزافاً إذا رجعنا إلى كتابه كشف الجاني : ١٧٥ حيث اتّهم المؤلّف بالكذب ، ناقلا عن الذهبي في السير في ترجمة مالك حادثة ضرب والي المنصور لمالك بن أنس ، مع أنّ الذهبي وبعد صفحات من ذكره لتلك الحادثة يتعرّض لاعتذار الخليفة أبي جعفر المنصور لمالك عمّا صدر من واليه ، وهذا عين التدليس على الناس ، واقتطاع بعض النصّ الذي يوافق هواه والتمسّك به ، من دون نقل تمام النصّ.
١ ـ أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم المعروف بأبي يوسف ، من أشهر تلاميذ أبي