كما أنّ شهرة مالك فاقت كلّ الحدود ، حتى قيل : « أيفتى ومالك في المدينة »؟ ولقّبوه بإمام دار الهجرة.
ولا يفوتنا أن نذكر بأنّ مالكاً أفتى بحرمة بيعة الإكراه ، فضربه جعفر بن سليمان والي المدينة سبعين سوطاً.
وهذا ما يحتجّ به المالكية دائماً على معاداة مالك للسّلطة ، وهو غير صحيح إذ إنّ الذين رووا هذه القصّة ، هم أنفسهم الذين رووا ما بعدها ، فإليك البيانُ والتفصيل :
قال ابن قتيبة : « وذكروا أنّه لما بلغ أبا جعفر المنصور ضرب مالك بن أنس ، وما أنزل به جعفر بن سليمان ، أعظم ذلك إعظاماً شديداً وأنكره ولم يرضه ، وكتب بعزل جعفر بن سليمان عن المدينة ، وأمر أن يؤتى به إلى بغداد على قتب.
ثمّ كتب إلى مالك بن أنس ليستقدمه إلى نفسه ببغداد ، فأبى مالك ، وكتب إلى أبي جعفر يستعفيه من ذلك ويعتذر له بعض العذر إليه ، فكتب أبو جعفر إليه : أن وافني بالموسم العام القابل إن شاء الله ، فإنّي خارج إلى الموسم » (١).
__________________
البخاري ، وصحيح مسلم ».
وقال أسد حيدر في كتابه ( الإمام الصادق عليهالسلام والمذاهب الأربعة ) : « واختلفوا في منزلة الموطأ من كتب السنّة فمنهم من جعله مقدّماً على الصحيحين كابن العربي وابن عبد البر والسيوطي ، وفي هذه الكلمات تصريح بتفضيل الموطأ على كتاب البخاري ، ومنكر ذلك مكابر ومعاند لا قيمة لكلامه.
١ ـ تاريخ الخلفاء لابن قتيبة ٢ : ٢٠٠. وتقدّم ذكر بعض المصادر التي تنصّ على الصلح بين مالك والخليفة المنصور ، واعتذار المنصور لمالك عمّا صدر من واليه على المدينة.