قال : « يا أبا عبد الله إنّي رأيت رؤيا! »
فقال مالك : يوفّق الله أمير المؤمنين إلى الصواب من الرأي ، ويُلهمه الرشاد من القول ، فما رأى أمير المؤمنين؟
فقال أبو جعفر : رأيتُ أنّي أُجلسك في هذا البيت ، فتكون من عمار بيت الله الحرام ، وأحمل الناسَ على علمك ، وأعهد إلى أهل الأمصار يوفدون إليك وفودهم ، ويرسلون إليك رسُلهم في أيّام حجّهم ، لتحملهم من أمر دينهم على الصواب والحقّ إن شاء الله ، وإنّما العلم علم أهل المدينة ، وأنت أعلمهم ....
يقول ابن قتيبة : لما ولَي أبو جعفر المنصور الخلافة جمع مالك بن أنس ، وابن أبي ذؤيب ، وابن سمعان في مجلس واحد وسألهم : أيُّ الرجال أنا عندكم؟ أمن أئمة العدل أم من أئمة الجور؟
قال مالك ، فقلت : يا أمير المؤمنين أنا متوسّلٌ إليك بالله تعالى ، وأتشفّع
__________________
وأُخرى يدخل مالك على الخليفة أبي جعفر المنصور فيقول له : يا مالك كثر شيبك. تقدمة المعرفة ١ : ٦٩ ، سير أعلام النبلاء ، الذهبي ٨ : ١١٢.
وثالثة يرسله الخليفة أبي جعفر المنصور إلى بني الحسن بن علي الذين جمعهم في حبسه لأجل التفاوض معهم. راجع الكامل في التاريخ ، ابن الأثير ٥ : ٥٢٣.
إلى غير ذلك من اللقاءات التي ذكرها المؤرّخون وما لم يذكروه أكثر وأكثر.
وتجدر الإشارة إلى أنّه وقع خطأ في تاريخ ابن قتيبة حيث ذكر أنّ هذا اللقاء الذي ذكره المؤلّف كان في سنة ١٦٣ هـ ، وهذا لا يصح ؛ لأنّ الخليفة أبي جعفر المنصور توفّي سنة ١٥٨ هـ. فهناك خطأ في تحديد سنة اللقاء ، ولعله وقع في سنة ١٥٠ كما يشير إلى هذا اللقاء الرازي في تقدمة المعرفة ، ويذكر الخليفة لمالك أنّه كثر شيبه ، أو لعلّه في سنة ١٥٢ هـ حيث ذهب أبي جعفر المنصور إلى الحجّ ولعلّه التقى بمالك هناك.