إليك بمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وقرابتك منه ، إلاّ ما أعفيتني من الكلام في هذا ، قال : قد أعفاك أمير المؤمنين.
أمّا ابن سمعان فقال له : أنتَ والله خير الرجال يا أمير المؤمنين ، تحجّ بيت الله الحرام ، وتجاهد العدوّ ، وتؤمّن السبل ، ويأمن الضعيف بك أن يأكله القويُّ ، وبك قوام الدّين ، فأنتَ خير الرجال وأعدل الأئمّة.
أمّا ابن أبي ذؤيب فقال له : أنتَ والله عندي شرّ الرجال ، استأثرت بمال الله ورسوله ، وسهم ذوي القُربى واليتامى والمساكين ، وأهْلكتَ الضعيف ، وأتعبتَ القوي ، وأمسكتَ أموالهم ، فما حُجّتك غداً بين يدي الله؟
فقال له أبو جعفر : ويحك ما تقول؟ أتعقل؟ أنظر ما أمامك؟
قال : نعم قد رأيت أسيافاً ، وإنّما هو الموت ، ولابدّ منه ، عاجله خير من آجله.
وبعد هذه المحاورة طرد المنصور ابن أبي ذؤيب وابن سمعان ، واختلى بمالك وحده وأمّنَه وقال له :
يا أبا عبد الله انصرف إلى مصرك راشداً مهدياً ، وإن أحببْتَ ما عندنا ، فنحنُ لا نُؤثر عليك أحداً ، ولا نعدلُ بك مخلوقاً.
قال : ثمّ بعث أبو جعفر المنصور من الغد لكلّ واحد منهم صرّة فيها خمسة آلاف دينار مع أحد شرطته وقال له :
تدفع لكلّ رجل منهم صُرّة ، أمّا مالك بن أنس إن أخذها فبسبيله ، وإن ردّها فلا جناح عليه في ما فعل.
وأمّا ابن أبي ذؤيب فائتني برأسه إنْ أخذها ، وإنْ ردّها عليك ، فبسبيله لا جناح عليه.