ضدّه الحروب الطّاحنة ، ولم تهدأ حتّى قضتْ عليه ، وأرجعتْ الخلافة إلى أخبث بطن من بطونها ، فأصبحت ملكية قيصرية يعهد بها الآباء إلى أبنائهم ، وعندما رفض الحسين مبايعة يزيد قريش ، هبّت قريش عند ذلك وثارتْ ثورتها العارمة للقضاء نهائياً على العترة النبويّة ، وكلّ شيء اسمه نسلُ محمّد ابن عبد الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فكانت مذبحة كربلاء ، والتي قتلوا فيها ذريّة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بما في ذلك الصبيان والرضّع ، وأرادوا اجتثاث شجرة النبوّة بكلّ فروعها ، ولكنّ الله سبحانه وتعالى أنجز وعدَه لمحمّد ، فأنقذ علي بن الحسين ، وأخرج من صلبه بقية الأئمّة ، ومُلئتْ الأرض بنسله شرقاً ومغرباً ، وكان الكوثر.
فما من بلد ولا قرية ولا بقعة من الأرض إلاّ لنسل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيها وجود وأثرٌ ، وعند الناس لهم فيها احترام ومودّة.
وها نحن اليوم ، وبعد كلّ المحاولات التي باءتْ بالفشل أصبح عدد نفوس الشيعة الجعفريّة وحدهم يبلغُ ٢٥٠ مليون مسلم في العالم ، كلّهم يقلّدون الأئمة الاثني عشر من عترة النبيّ ، ويتقرّبونَ إلى الله بمودّتهم وموالاتهم ، ويرجون شفاعة جدّهم.
ولن تجد مثل هذا العدد في أيّ مذهب من المذاهب الأُخرى إذا أخذنا كلّ مذهب على انفراد ، رغم تأييد الحكّام ودعمهم.
( وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) (١).
__________________
١ ـ الأنفال : ٣٠.