وبمثل هذا المكر والدهاء يحاول النواصب أعداء أهل البيت تحريف الناس عن الحقّ ، وإضلالهم بمثل هذه الأراجيف الكاذبة ، حتى يملأوا قلوب المسلمين وخصوصاً المحدِّثين منهم حقداً وبغضاً لعلي بن أبي طالب عليهالسلام ، ويستبيحوا بذلك سبّه وشتمه ولعنه.
وإنّك لتجد هذه الظاهرة موجودة إلى يوم الناس هذا ، فرغم ادعاء « أهل السنّة والجماعة » في زماننا بأنّهم يحبون أهل البيت ، ويترضّون عن سيّدنا علي ( كرم الله وجهه ) كما يقولون ، إلاّ أنّك عندما تروي حديثاً فيه فضيلة لعلي عليهالسلام تراهم يغمزون ويهزأون ، ويرمونك بالتشيع وقول البدع والغلو في الدين.
وعندما تحدِّث عن الخلفاء أبي بكر وعمر وكلّ الصحابة بدون استثناء ، وتقول في فضلهم ما شئت وتغالي في ذلك ، فإنّهم يطمئنون إليك ، ويستأنسون بحديثك ، ويقدّموك على أنّك كثير العلم واسع الاطلاع.
إنّها بالضبط عقيدة سلفهم « الصالح » ، فقد نقل المؤرّخون بأنّ الإمام أحمد بن حنبل كان يضعِّف من أهل الحديث كلّ من ينتقص أبا بكر أو عمر أو عثمان ، بينما كان يكرم إبراهيم الجوزجاني الناصبي المتقدّم ذكره إكراماً شديداً ، ويراسله ويقرأ كتبه على المنبر ويحتجّ بها (١).
وإذا كان هذا حال أحمد بن حنبل الذي فرض على معاصريه القول بخلافة علي عليهالسلام وربّع بها ، فلا تسأل عن الآخرين الذين لم يعترفوا له
__________________
١ ـ بل ذكر ابن عدي أنّ أحمد بن حنبل كان يكاتبه ويتقوّى بكتابه ، وبقراءته على المنبر. بحر الدم ، يوسف بن المبرد : ١٨.