لكلّ ذلك طغَى طلحة وتجبّر ، وبدأ يؤلّب على صديقه الحميم عثمان ليُطيح به ويأخذَ مكانه.
ولعلّ عائشة أُمّ المؤمنين أطمعته في الخلافة ومنّته بها ؛ لأنّها هي الأُخرى عملت على إسقاط عثمان بكلّ جهودها ، وكانت لا تشكُّ في أنّ الخلافة ستؤول إلى ابن عمّها طلحة ، ولمّا بلغها مقتل عثمان وأنّ الناس قد بايعوا طلحة فرحتْ فرحاً شديداً وقالت : « بعداً لنعثل وسحقاً ، إيه ذَا الإصبع إيه أبا شبل ، إيه ابن عمّ لله أبوك ، أمَا إنّهم وجدوا طلحة لها كفؤاً » (١).
نعم ، هذا جزاء عثمان من طلحة ، بعدما أغناهُ غدر بهِ من أجل الطّمع في الخلافة وألّب عليه الناس ، وكان من أشدّ المحرّضين عليه حتّى منعه من شرب الماء أيام الحصار.
قال ابن أبي الحديد بأنّ عثمان كان يقول أيّام الحصار : ويْلي على ابن الحضرميّة « يعني طلحة » ، أعطيته كذا وكذا بهاراً (٢) ذهباً ، وهو يروم دمي ويحرّض على نفسي ، اللّهمّ لا تمتّعهُ به ، ولقّه عواقب بغْيِه (٣).
__________________
١ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٦ : ٢١٥ ، انساب الأشراف للبلاذري : ٢١٧ ، باختلاف.
٢ ـ البهار : شيءٌ يوذن به ، وهو ثلاثمائة رطل اُستمائة ألف مجمع البحرين ١ : ٢٥٧ ، مادة : بهر ، الصحاح للجوهري ٢ : ٥٩٩ ، مادة : بهر ، لسان العرب لابن منظور ٤ : ٨٤ ، مادة : بهر.
٣ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٩ : ٣٥.
وقال الذهبي في ترجمة طلحة ١ : ٣٤ : ( يحيى بن معين ، حدّثنا هشام .. سمعت علقمة بن وقاص الليثي قال : لما خرج طلحة والزبير وعائشة للطلب بدم عثمان