نعم ، هذا طلحة الذي انحاز لعثمان ، واختاره للخلافة من أجل إبعادها عن عليّ ، ولأنّ عثمان أعطاه الذّهب والفضّة ، وها هو اليوم يؤلّب عليه ، ويأمر الناس بقتله ، ويمنع دخول الماء إليه ، وعندما يأتون بجثّته يمنع من دفنه في مقابر المسلمين ، فيدفنُ في « حش كوكب » كانت اليهود تدفن فيه موتاهم (١).
__________________
عرّجوا على منصرفهم بذات عرق ، فاستصغروا عروة بن الزبير وأبا بكر عبد الرحمان فردّوهما ، قال : رأيت طلحة وأحبّ المجالس إليه أخلاها .. فقلت : يا أبا محمّد إنّي أراك وأحبّ المجالس إليك أخلاها إن كنت تكره هذا الأمر فدعه! فقال : يا علقمة لا تلمني ، كنّا أمس يداً واحدة على من سوانا ، فأصبحنا اليوم جبلين من حديد ، يزحف أحدنا إلى صاحبه ، ولكنّه كان منّي شيء في أمر عثمان ، ممّا لا أرى كفارته إلاّ سفك دمي وطلب دمه ) وسند الرواية صحيح كما صرّح الذهبي في تلخيص المستدرك.
وعلّق الذهبي على هذه الرواية بقوله :
( قلت : الذي كان منه في حقّ عثمان تمغفل وتأليب ، فعله باجتهاد .. ).
وفي نفس المصدر ١ : ٣٥ : ( عن قيس قال : رأيت مروان بن الحكم حين رمى طلحة يومئذ بسهم ، فوقع في ركبته ، فما زال يسنح حتى مات.
رواه جماعة عنه ، ولفظ عبد الحميد بن صالح عنه : هذا أعان على عثمان ولا أطلب بثأري بعد اليوم.
قال خليقة بن خياط : حدّثنا من سمع جويرية بن أسماء .. عن عمّه : أنّ مروان رمى طلحة بسهم فقتله ، ثمّ التفت إلى أبان فقال : قد كفيناك بعض قتلة أبيك ).
أقول : هذا الإمام الذهبي المحدّث الكبير يصف طلحة بن عبيد اللّه أحد العشرة المبشرين بالجنة بأنّه مغفل ، وأنّ فيه غفلة جعلته يؤلّب الناس على عثمان ، ثمّ بعد مقتل عثمان ألّب الناس على علي بن أبي طالب!!
١ ـ تاريخ الطبري ٣ : ٤٣٨.