خيال الوضّاعين الذين بهرهم حقّ علي وباطل الزبير ، وبما أنّ صاحبه طلحة قتله مروان بن الحكم ، فاختاروا ابن جرموز لقتل الزبير غدراً حتى يتسنّى لهم التأويل في مصير طلحة والزبير ، فلا يحرموهم من دخول الجنّة ما دامت الجنّة من ممتلكاتهم يدخلون فيها من يشاؤون ويمنعون منها من يشاؤون.
ويكفينا دليلا على كذب الرواية ما جاء في رسالة الإمام علي ، ودعوتهما للرجوع عن الحرب وقوله : « فإن الآن أعظم أمركما العار من قبل أن يجمع العار والنار ».
ولم يحدث أحد أنّهما استجابا لندائه ، ولا امتثلا لأمره ، ولا ردّا على رسالته.
أضف إلى كلّ ذلك أنّ الإمام وقبل بدء المعركة دعاهم لكتاب الله كما قدّمنا ، فرفضوا الامتثال ، وقتلوا الشاب الذي حمل لهم القرآن ، عند ذلك استباح علي قتالهم.
وإنّك لتقرأ بعض المهازل عند المؤرّخين ، فتعرف أنّ البعض منهم لا يعرفون الحقّ ولا يفقهون ، مثال ذلك : يقول بعضهم بأنّ الزبير لما علم بأنّ عمّار بن ياسر جاء مع عليّ بن أبي طالب ، قال : يا جدع أنفاه ، يا قطع ظهراه ، ثمّ أخذه إفكل فجعل السلاح ينتفض في يده ، فقال أحد أصحابه : ثكلتني أُمي هذا الزبير الذي كنت أريد أن أموت معه أو أعيش معه؟
والذي نفسي بيده ما أخذ هذا ما أرى إلاّ لشيء قد سمعه أو رآه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (١).
__________________
١ ـ تاريخ الطبري ٣ : ٥٢١ ، أنساب الأشراف للبلاذري : ٢٥٧.