وليستْ في عنقه بيعة ماتَ ميتة جاهليّة » (١) الذي رواه عبد الله بن عمر ، فيموت سعد ميته جاهلية ناكباً عن بيعة أمير المؤمنين ، وسيّد الوصيّين ، وقائد الغرّ المحجلين؟!
يذكر المؤرخون بأنّ سعداً جاء إلى الإمام علي معتذراً فقال : والله يا أمير المؤمنين لاَ ريب لي في أنّك أحقَّ الناس بالخلافة ، وأنت أمينٌ على الدين والدّنيا ، غير أنّه سينازعك على هذا الأمر أُناسٌ ، فلو رغبت في بيعتي لك أعطني سيفاً له لسانٌ يقول لي : خذ هذا ودع هذا!
فقال له علي : « أترى أحداً خالف القرآن في القول أو العمل؟ لقد بايعني المهاجرون والأنصار على أن أعمل فيهم بكتاب الله وسنّة نبيّه ، فإن رغبتَ بايعتَ وإلاّ جلستَ في دارك ، فإنّي لستُ مكرهكَ عليه » (٢).
أليس موقف سعد بن أبي وقاص غريباً؟! فهو يشهدُ بأن عليّاً لا ريب فيه ، وأنّه أحقّ الناس بالخلافة ، وأنّه أمينٌ على الدّين والدّنيا ، ثمّ بعد هذا يُطالبه بسيف ناطق كشرط على بيعته حتّى يعرف به الحقّ من الباطل؟!
أليس هذا تناقضاً يرفُضه العقلاء؟ وهل هذا إلاّ المُحال الذي يطلبه مكابرٌ عرف الحقَّ من صاحب الرسالة صلىاللهعليهوآلهوسلم في أكثر من حديث روى هو بنفسه منها أكثر من خمسة؟!
ألم يكن سعد حاضراً بيعة أبي بكر وعمر وعثمان ، والتي حكموا في كلّ
__________________
١ ـ صحيح مسلم ٦ : ٢٢ ( كتاب الامارة ، باب الأمر بلزوم الجماعة عند ظهور الفتن ).
٢ ـ الفتوح لابن أعثم ١ : ٤٤٠ ، ذكر من فشل عن البيعة وقعد عنها.