ذلك العهد ، عندما دخل المدينة المُنوّرة لزيارة قبر الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم وجد رجلا يركب فرسه عليه هيبة ووقار ، وحوله كوكبة من أصحابه يحوطونه من كلّ جانب وهم طوع إشارته.
استغرب الشامي وتعجّب أن يكون في الدّنيا رجلٌ له من الهالة والتعظيم أكثر من معاوية في الشام ، فسأل عن الرجل ، فقيل له : إنّه الحسن بن علي بن أبي طالب ، قال : هذا هو ابن أبي تراب الخارجي؟ ثمّ أولغ سبّاً وشتماً في الحسن وأبيه وأهل بيته.
وشهر أصحاب الحسن سيوفهم كلّ يريد قتله ، ومنعهم الإمام الحسن ونزل عن جواده ، فرحب به ولاطفه قائلا له :
يبدو أنّك غريب عن هذه الديار يا أخا العرب؟ قال الشامي : نعم أنا من الشام من شيعة أمير المؤمنين وسيّد المسلمين معاوية بن أبي سفيان ، فرحّب به الإمام من جديد وقال له : أنت من ضيوفي ، وامتنع الشامي ولكنّ الحسن لم يتركه حتّى قَبِلَ النزول عنده ، وبقي الإمام يخدمه بنفسه طيلة أيام الضيافة ويلاطفه ، فلمّا كان اليوم الرابع بدا على الشامي الندم والتوبة ممّا صدر منه تجاه الحسن بن علي ، وكيف يسبّه ويشتمه فيقابله بالإحسان والعفو وحُسن الضيافة ، فطلب من الحسن ورجاه أن يُسامحه على ما صدر منه ، وكان بينهما الحوار التالي بمحضر من أصحاب الحسن :
الحسن : أقرأتَ القرآن يا أخا العرب؟
الشامي : أنا أحفظ القرآن كلّه.
الحسن : هل تعرف من هم أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم؟