وعبد الرحمان بن عوف كما هو مشهورٌ من التجّار الكبار في قريش ، والذي ترك ثروة ضخمة وأموالا طائلة بلغت حسب نقل المؤرخين : ألف بعير ومائة فرس وعشرة آلاف شاة ، وأرضاً كانت تزرع على عشرين ناضحاً ، وخرجت كلّ واحدة من نسائه الأربع بنصيبها من المال الذي تركه ، فكان أربعة وثمانين ألفاً (١).
وعبد الرحمان بن عوف هو صهر عثمان بن عفّان ؛ لأنّه تزوّج أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ، وهي أُخت عثمان لأُمّه.
وقد عرفنا من خلال كتب التاريخ أنّه لعب دوراً كبيراً لإبعاد علي عن الخلافة بشرطه الذي اشترطه عليه في تحكيم سنّة الخليفتين أبي بكر وعمر ، لعلمه مسبقاً بأنّ عليّاً لا يقبلُ بذلك الشرط أبداً لأنّ سنّتهما مُخالفة للكتاب والسنّة النبويّة.
وهذا وحده يكفينا دليلا على تعصُّب عبد الرحمان للبدع الجاهلية ، وبُعده عن السنّة المحمّدية ، ومشاركته الفعّالة في المؤامرة الكبرى للقضاء على العترة الطّاهرة ، وإبقاء الخلافة في حوزة قريش تتحكّم فيها كيف شاءتْ.
أخرج البخاري في صحيحه من كتاب الأحكام ، باب كيف يُبايع الإمام الناس ، قال المسور : طرقني عبد الرحمان بعد هجيع من اللّيل ، فضرب الباب حتى استيقظتُ ، فقال : أراك نائماً فوالله ما اكتحلت هذه اللّيلة بكبير نوم ، انطلق فادع الزبير وسعداً فدعوتهما له فشاورهُما ، ثمّ دعاني فقال : أدع لي
__________________
١ ـ راجع الطبقات الكبرى ٣ : ١٣٦ ، مروج الذهب ٢ : ٣٥٠.