الوضوء يا ترى؟! وقد قضى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ثلاثة وعشرين سنة وهو يتوضّأ بالمسح ويفعل ذلك مرّات في كلّ يوم ، فهل يعقل أنّه وقبل شهرين من وفاته عندما نزل عليه قوله سبحانه : ( وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ) عمد إلى غسل رجليه معارضة لكتاب الله؟! إنّه كلام لا يصدّق.
ثمّ كيف يُصدّق الناس هذا النبيّ الذي يدعوهم لكتاب الله والعمل به قائلا لهم : إنّ هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ، ثمّ يعمل هو بعكسه؟! فهل هذا معقول أو يقبله العقلاء؟ أم سيقول له المعارضون والمشركون والمنافقون : إذا كنت أنت تعمل بخلافه ، فكيف تأمرنا نحن باتباعه؟! وسوف يجد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عند ذلك نفسه محرجاً ولا يقدر على دفع حجّتهم ، ولذلك نحن لا نصدّق بهذا الادعاء الذي يرفضه النقل والعقل ، وكلّ من له دراية بالكتاب والسنّة لا يصدّقه.
ولكن « أهل السنّة والجماعة » ـ والذين هم في الحقيقة حكّام بني أُميّة ومن جرى وراءهم ، كما عرفنا بذلك في أبحاث سابقة ـ عمدوا لوضع الأحاديث على لسان النبيّ ليصححوا بذلك آراء واجتهادات أئمة الضلالة ، ويكسبوها شرعيّة دينية أولا ، وليعللوا اجتهادات هؤلاء في مقابل النصوص ، بأنّ النبيّ نفسه قد اجتهد مقابل النصوص القرآنية ونسخ منها ما شاء ، فيصبح بذلك أهل البدع يستمدّون شرعيّة مخالفتهم للنصوص اقتداء بالرسول كذباً وبهتاناً.
وقد قدّمنا في بحث سابق بالأدلّة والحجج القويّة أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما قال يوماً برأي ولا بقياس ، وإنّما كان ينتظر نزول الوحي لقوله تعالى :