النبويّة ؛ لأنّ الصحابة كانوا يحكمون بآرائهم وينسبون ذلك للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حتى يتمكّنوا من التأثير في النفوس ويأمنوا معارضة المعارضين.
وإذا كان عليّ بن أبي طالب عليهالسلام هو المعارض الوحيد الذي حاول بكلّ جهوده في أيام خلافته إرجاع الناس للسنّة النبويّة بأقواله وأفعاله وقضائه ، ولكن بدون جدوى ؛ لأنّهم شغلوه بالحروب الطاحنة ، فلم ينتهِ من حرب إلاّ وأشعلوا له حرباً أُخرى ، ولم ينته من حرب الجمل حتى أسعروا حرب صفين ، ولم ينته من صفين حتى أشعلوا حرب النهروان ، ولم ينتهِ منها حتى اغتالوه في محراب الصلاة.
وجاء معاوية للخلافة وكان همّه الوحيد هو إطفاء نور الله ، فعمل بكلّ جهوده للقضاء على سنّة النبيّ التي أحياها الإمام عليّ عليهالسلام ، وأرجع الناس لبدع الخلفاء ، وخصوصاً البدع التي سنّها هو لهم ، وعمل على سبِّ عليّ عليهالسلام ولعنه حتى لا يذكره ذاكر إلاّ بما هو مشين.
يذكر المدائني أنّ بعض الصحابة جاء إلى معاوية فقال له : « يا أمير المؤمنين ، إنّ عليّاً عليهالسلام مات وليس هناك شيء تخافه ، فلو رفعت هذا اللعن عنه؟ فقال معاوية : لا والله حتى يهرم عليه الكبير ويشيب عليه الصغير ». يقول المدائني : فمكثوا على ذلك ( بنو أُميّة ) دهراً ، وعلَّموه إلى صبيانهم في الكتاتيب ، وإلى نسائهم وخدمهم ومواليهم (١).
وقد نجح معاوية في مخطّطه نجاحاً كبيراً ، إذ أبعد الأُمّة الإسلاميّة ( إلاّ
__________________
١ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٤ : ١٥٧.