وبذلك يتبيّن لنا بوضوح بأنّهم جميعاً تركوا سنّة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم واقتدى بعضهم ببدعة بعض ، كما أنّ معاوية لم ينكر بأنّه من الضالين الذين يعملون بالباطل ، وأنّه لعين ابن لعين على لسان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ولتعميم الفائدة لا بأس بذكر الرسالة التي ردَّ بها يزيد بن معاوية على ابن عمر ، وهي على اختصارها ترمي نفس المرمى.
فقد أخرج البلاذري في تاريخه قال :
لمّا قتل الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهماالسلام ، كتب عبد الله بن عمر رسالة الى يزيد بن معاوية جاء فيها :
أمّا بعد ، فقد عظمت الرزّية ، وجلَّت المصيبة ، وحدث في الإسلام حدث عظيم ، ولا يوم كيوم قتل الحسين.
فكتب إليه يزيد :
أمّا بعد ، يا أحمق ، فإنّا جئنا إلى بيوت منجدة ، وفرش ممهدة ، ووسائد منضدة ، فقاتلنا عنها. فإن يكن الحقّ لنا فعن حقّنا قاتلنا ، وإن كان الحقّ لغيرنا فأبوك أوّل من سنَّ هذا ، واستأثر بالحقّ عليه أهله (١).
* * *
وفي ردّ معاوية على ابن أبي بكر ، كما في رد يزيد على ابن عمر ، نجد نفس المنطق ونفس الاحتجاج ، وهو لعمري أمر ضروري يقرّه الوجدان ، ويدركه كلّ عاقل ، ولا يحتاج في الحقيقة إلى شهادة معاوية وابنه يزيد.
فلولا استبداد أبي بكر وعمر على عليّ ، لما وقع ما وقع في الأُمّة
__________________
١ ـ بحار الأنوار ٤٥ : ٣٢٨ عن البلاذري.