وطوّق بيتها بالحطب ، وأقسم أن يحرقها بمن فيها إن لم يخرجوا لبيعة صاحبه.
يقول ابن عبد ربّه في العقد الفريد :
« وأمّا علي والعباس والزبير ، فقعدوا في بيت فاطمة حتّى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطّاب ليُخرجهم من بيت فاطمة ، وقال له : إنْ أبَوا فقاتلهم ، فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدّار ، فلقيتْهُ فاطمة فقالتْ : يابن الخطّاب أجئتَ لتحرق دارنَا؟
قال : نعم ، أو تدخلوا فيما دخلت فيه الأُمّة » (١).
فإذا كانت فاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين ، كما جاء في صحاح « أهل السنّة والجماعة » (٢) ، وإذا كان ولداها الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة وريحانة النبيّ في هذه الأُمّة ، يُستهانُ بهم ، ويُستصغرُ شأنهم حتّى يُقسم عمر أمام الملأ أن يحرق عليهم دارهم إن رفضوا البيعة لأبي بكر ؛ فهل يبقى بعد هذا في نفوس الآخرين شيء من الاحترام أو التقدير لعلي بن أبي طالب الذي يبغضه أكثرهم ويحسدونه ، وقد أصبح بعد وفاة النبيّ زعيم الصف المعارض ، وليس عنده من حُطام الدّنيا ما يُرغّبُ الناس فيه؟
فهذا البخاري يحدّث في صحيحه بأنّ فاطمة طالبتْ أبا بكر بميراثها من
__________________
١ ـ العقد الفريد لابن عبد ربّه ٥ : ١٣ ، الذين تخلّفوا عن بيعة أبي بكر.
٢ ـ المستدرك للحاكم ٣ : ١٥٦ وصحّحه ، السنن الكبرى للنسائي ٤ : ٢٥٢ ، صحيح البخاري ٤ : ١٨٣ وفيه : « سيّدة نساء المؤمنين » ، صحيح مسلم ٧ : ١٤٣ وفيه : « سيّدة نساء هذه الأُمّة » ، سنن ابن ماجة ١ : ٥١٨.