سعيد الخدري ، وكان أصغر القوم ، فشهد أنّه سمع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يحدّثُ بذلك.
وهذا في حدّ ذاته توهين لشأن عمر الذي اعْتلى منصّة الخلافة ، وهو لا يعرف من السنّة النبويّة أبسط الأُمور التي عرفها أصغر القوم سنّاً ، وأين هو من حديث الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي يقول : « إذا تولّى وال أمر رعية وهو يعلمُ أنّ فيهم من هو أعلم منه ، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين » (١)؟!
وأنّى لعمر بن الخطّاب أن يُصغي قلبه لمثل هذه الأحاديث النبويّة التي رفضها في حياة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يقنع بها ، وجعل لنفسه حقّ الاجتهاد في مقابلها!!
بقيَ أن نعترف لأبي حفص باعترافه بالجهل عندما يواجه من قبل بعض الصحابة بالحجّة والدّليل ، فيقول مرّة : « كلّ الناس أفقهُ منك يا عمر حتّى ربّاتُ الحجال » (٢) ، ومرّة يقول : « لولا عليٌّ لهلك عمر » (٣) ، وأُخرى يقول : « لقد ألهاني عن أحاديث النبيّ الصفق بالأسواق » (٤).
وإذا كان عمر يتلهّى عن السنّة النبويّة بالصفق في الأسواق ، فإنّه عن القرآن أكثر لهواً ، فقد اختلف مرّة مع أُبي بن كعب ، وهو من أشهر الحفّاظ ، وأنكر عليه قراءتَه ، وقال بأنّه لم يسمع بها من قبلُ ، فقال له أُبي : يا عمر إنّه
__________________
١ ـ نحوه مجمع الزوائد ٥ : ٢١١ ، المعجم الكبير ١١ : ٩٤ ، السنن الكبرى للبيهقي ١٠ : ١١٨ ، نصب الراية للزيلعي ٥ : ٣٩.
٢ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ : ١٨٢.
٣ ـ تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة : ١٥٢ ، ذخائر العقبى : ٨٢ ، المناقب للخوارزمي : ٨١ ح٦٥ ، فيض القدير ٤ : ٤٧٠.
٤ ـ صحيح البخاري ٣ : ٧ ، ١٩ ( كتاب البيوع ، باب الخروج في التجارة ) ، صحيح مسلم ٦ : ١٧٩ ( كتاب الآداب ، باب الاستئذان ).