كان يُلهيني القرآنُ ، ويُلهيكَ الصفقُ بالأسواقِ (١).
فشغله بالتجارة ولهوه بالصفق في الأسواق يعرفه الخاص والعام ، وليس هو بالأمر الخفي عن الصحابة ، وخصوصاً منهم العارفين بكتاب الله وسنّة رسوله.
لذلك أعتقدُ بأنّه كان يعيش عُقدةً نفسية كبيرة ، وهي عقدة الجهل المركّب ، إذ يرى أصغر المسلمين يعرف ما لاَ يعرفُ هو ، ويحفظ ما لاَ يحفظ هو ، ويرى إلى جانبه عليّاً وهو شابٌّ لم يبلغ الثلاثين يصوّب رأيه بما حفظه من الكتاب والسنّة وبمحضر من الصحابة ، حتّى يضطر للقول : « لولا علي لهلك عمر ».
ويرى امرأة تقوم في آخر المسجد فتعترض عليه وهو فوق المنبر ، وتحاججُه بكتاب الله في قضيّة مهور النساء على مشهد ومسمع من كلّ المصلّين ، فيقول عند ذلك : « كلّ الناس أفقه منك يا عمر حتّى ربّات الحجال! ».
وفي الحقيقة لم يكن ذلك قناعة منه بقدر ما هو تغطية على جهله وكسب الموقِف لصالحه ؛ ليقول الناس عنه بأنّه متواضع ، كما نسمع اليوم الكثير من الناس يردّدون ذلك.
ومن أجل هذه العُقدة عمل عمر على محق السنّة النبويّة ما استطاع لذلك سبيلا ، واجتهد برأيه معارضاً للكتاب والسنّة ، والشواهد على ذلك كثيرة جدّاً (٢).
__________________
١ ـ السنن الكبرى للبيهقي ٧ : ٦٩ ، الدر المنثور للسيوطي ٥ : ١٨٣ ، تاريخ دمشق ٧ : ٣٣٩ ، سير أعلام النبلاء ١ : ٣٩٧.
٢ ـ ذكرت بعضها في كتاب « مع الصادقين » وكتاب « فاسألوا أهل الذكر ».