نعم ، تبقى فقط بعض المعارضة الطّفيفة التي لاَ تُغيّر من أحكامهم واجتهاداتهم شيئاً ولا تهدد مصالح الخلافة ، كقضية استئذان أبي موسى أو استدلال أُبي بن كعب بقراءة لا يعرفها عمر ، عند ذلك يفتخر عمر بالرجوع إلى الاعتراف وهو فضيلة فيقول : لقد ألهاني عن ذلك الصفق بالأسواق.
فأين هذا من قول علي بن أبي طالب الذي يقول :
« كان لي مدخلٌ خاصٌ على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في كلّ يوم مرّتينِ مرّة في الصباح وأُخرى في المساء » (١)؟
فهذه المجالس كانت خاصّة بعلي في كلّ صباح ومساء ، أضف إلى ذلك حضوره دائماً مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في مجالسه العامّة.
فكان علي أقرب الناس للنّبي ، وأشدّهم لصوقاً به ، وأخصهم لديه من يوم ولادته ، فقد تربّى في حجره حتى شبّ ، فكان يتبعه اتّباع الفصيل إثر أُمّه في كلّ مكان ، وفي غار حراء عند نزول الوحي عليه ، وقد رضع حليب الرسالة ، وترعرع على معارف السنّة النبويّة من أوّل مهدها.
فمن أولى بالسنّة منه ، وهل لأحد غيره أن يدّعيها لو أنصف المنصفون ، ورجع إلى الحقّ المعاندون؟
وهذا أكبر دليل على أنّه ( سلام الله عليه ) وشيعته الذين اتّبعوه هم رمز السنّة المحمّدية وأعلامها ، أمّا غيرهم ممّن لم يهتدوا بهديه ويسيروا على دربه ، فهم أبعد ما يكونون عن السنّة النبويّة ، ولو أنّهم سمّوا أنفسهم « بأهل
__________________
١ ـ سنن ابن ماجة ٢ : ١٢٢٢ ح٣٧٠٨ ، سنن النسائي ٣ : ١٢ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٦ : ١٣٢ ، المناقب لابن شهر آشوب ٢ : ٦٦ ، ونحوه في خصاص الإمام علي للنسائي : ص٩٠ وبعضها إسناده صحيح.