أليس هذا أكبر دليل على أنّ « أهل السنّة والجماعة » كانوا من النواصب الذين يبغضون علياً ، ويعملون على انتقاصه وإسقاطه؟
ولقائل أن يقول : كيف يصحّ ذلك ، ونحن نرى اليوم « أهل السنّة والجماعة » يحبّون الإمام علياً ويترضّون عنه؟
فنقول : نعم ، لمّا قدُم العهد ومات الأئمة من أهل البيت ، ولم يعد هناك ما يخيف الحكّام ويهدّد ملكهم ، وتلاشتْ هيبة الخلافة الإسلامية ، واستولى عليها المماليك والمغول والتتار ، وضعُف الدّين ، وأصبح أكثر المسلمين يُشغلهم الفنّ والطرب ، واللهو والمجون ، والخمر والجواري ، وخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتّبعوا الشهوات ، وأصبح المعروف عندهم منكراً ، والمنكر عندهم معروفاً ، وعمّ الفساد البرّ والبحر ، عند ذلك بكى المسلمون على أسلافهم ، وتغنّوا بأمجادهم ، وتذاكروا أيامهم ، فسمّوها بالعصور الذّهبية.
وبما أنّ أفضل العصور عندهم هو عصر الصحابة ، فهم الذين فتحوا الأمصار ، ووسّعوا المملكة الإسلاميّة شرقاً وغرباً ، ودان لهم الأكاسرة والقياصرة ، فترضّوا على الصحابة جميعاً بما فيهم علي بن أبي طالب ، وإذا كان « أهل السنّة والجماعة » يقولون بعدالتهم جميعاً فلا يمكنهم عند ذلك أن يخرجوا علياً من بين الصحابة.
ولو قالوا بإخراجه لافتضحوا وكشف أمرهم عند كلّ عاقل وباحث ، فموّهوا على العامّة بأنّه رابع الخلفاء الراشدين ، وهو باب مدينة العلم رضي الله عنه وكرّم الله وجهه.