وقد استفادوا من التجربة التاريخية التي أبرزت مظلوميّة أهل البيت وشيعتهم وعطف الناس عليهم ، فعمل الحكّام بدهاء لكسب الموقف لصالحهم ، وتقرّبوا إلى أئمة أهل البيت لا حباً فيهم ولا اعترافاً بحقّهم ، وإنّما لاحتواء الثورات الشعبية التي تقوم في أطراف الدولة وتهدد كيانها ، ذلك ما فعله المأمون بن هارون الرشيد مع الإمام علي بن موسى الرضا ، أمّا إذا سيطرت الدولة وقضت على الثورات الداخلية ، فإنّها تمعن في إهانة الأئمة وشيعتهم ، كما فعل المتوكّل الخليفة العباسي الذي اشتهر ببغض عليّ وشتمه حتى نبش قبره وقبر الحسين.
ولكلّ ذلك قلنا بأنّ « أهل السنّة والجماعة » لم يقبلوا بخلافة علي إلاّ بعد زمن أحمد بن حنبل بكثير.
صحيح أنّ أحمد بن حنبل هو أوّل من قال بها ، ولكنّه لم يقنع بها أهل الحديث كما قدّمنا ؛ لاقتدائهم بعبد الله بن عمر.
فلابدّ لذلك من وقت طويل حتى يقتنع الناس ، ويقبلوا الفكرة التي ظهر بها أحمد بن حنبل ، والتي قد يظهر الحنابلة بمظهر المنصفين والمتقرّبين لأهل البيت ، فتميزهم عن المذاهب السنية الأُخرى من المالكية والحنفية والشافعية ، والذين كانوا يتنافسون لكسب المؤيدين ، فلابدّ إذاً من قبول الفكرة وتبنّيها.
وبمرور الزمن قال « أهل السنّة والجماعة » كلّهم بمقولة أحمد بن حنبل ، وقبلوا بتربيع الخلافة بعلي ، وأوجبوا له ما أوجبوه للخلفاء الثلاثة من الاحترام والترضي.