العلم تسمّى مطالب ، ومن حيث إنّها يقع عليها البحث تسمّى مباحث ، ومن حيث استخراجها عن الأدلّة تسمّى نتائج.
وفي جعله الامور اللاحقة الظاهرة في المحمولات عبارة عن المسائل ـ بناء على هذا الظهور ـ مسامحة ، يكشف عنها ما في ذيل كلامه من قوله : « ومسائله هي المطالب الجزئيّة المستدلّ عليها فيه » نظرا إلى أنّ المتّصف بالجزئيّة المستدلّ عليه في الفنّ ليس إلاّ النسبة الخبريّة ، وإلاّ فالمحمول لا بدّ وأن يكون بمفهومه أمرا كلّيّا ، مع أنّ استدلالات الفنّ لا تقع على نفس المحمول بل على انتسابه إلى الموضوع ، مع انّ الّذي يطلب في العلم وهو الّذي ينبغي أن يطلب ، هو حصول التصديق بالامور التي دوّن العلم لأجل بيانها ولغرض البحث عنها ، ولا يصلح له إلاّ النسب التامّة الخبريّة ، ضرورة أنّ غيرها من أجزاء القضيّة من الموضوعات والمحمولات لا يقع إلاّ موردا للتصوّر الّذي هو أمر اخر معتبر في التصديق.
فما في كلام بعض محقّقي الشرّاح (١) من تفسيرها بالنسب التامّة المستدلّ عليها ممّا لا محيص عنه.
وقد علم بما ذكرنا ، انّ ما في بعض التفاسير من انّها المحمولات المنسوبة إلى الموضوعات واضح الضعف ، واعتبار الحيثيّة كما في بعض التوجيهات غير مجد في تصحيحه ، إذ غاية ما فيها الدلالة على أنّ النسب غير خارجة عن المسائل وهذه ليس من الدلالة على انّها عينها في شيء كيف وأدلّة العلم لا تنهض إلاّ على نفس النسب.
وبذلك يظهر ضعف تفسيرها بالمحمولات المثبة بالدليل ، إذ لو اريد بإثبات المحمولات بالدليل إقامة الدليل على ثبوتها في نفس الأمر فهو ليس بما يطلب في العلم جزما ، وإن اريد به إقامته على ثبوتها لموضوعاتها فهو معنى كون المستدلّ عليه في الفنّ هو النسبة بناء على أنّها ليست عبارة إلاّ عن ثبوت
__________________
(١) هداية المسترشدين : ١٤ ( الطبعة الحجرية ).